منذ الحرب الأخيرة على غزة بدأت أشكو من أعراض جلدية في يدي، اعتقدت أن ذلك بسبب استخدام البابور وتنظيفه مستخدمة” سلك جلي خشن من النوع الرخيص” وانتظرت أن تزول الحالة بزوال السبب، ولكن ذلك لم يحدث وازدادت المعاناة، مع حكة واحمرار ، واستخدمت جميع أنواع المراهم والكريمات بلا فائدة………
مرت سنتان على الحرب واستمرت المعاناة معي، ولم أعد أستطيع أن ارتدي ملابس مكشوفة الذراعين، وقررت أخيرا أن أذهب لطبيب جديد بعد أن أعياني كل الأطباء اللامعة أسماؤهم، كان طبيبا عاما في عيادة حكومية، بمجرد أن رأى يدي قال لي بالحرف الواحد: هذه أكزيما من الذهب…….
وبدأ يشرح لي الأمر بأن هناك حساسية خاصة من الذهب لاحتوائه على الكروم ، وبأنها تظهر بعد سنوات من ارتداء الذهب، وتعرف بالحساسية بعيدة المدى، وبأن العامل الوراثي يلعب فيها دورا، وبأن علي التخلص من التزين بالذهب إاذا ما أردت الشفاء، قلت له ضاحكة: ولكني لا اتزين إلا بهذه” الدبلة” وهي خاتم زواج أمي رحمها الله…….
خاتم زواج أمي الذي وضعته في بنصري أثناء وجودها في غرفة العناية المركزة، بعد أن حررها الأطباء من حليها، وظل خاتمها في بنصري حتى الان، اقبله واتأمله وأتخيل منظره في يدها النحيلة، لم أتصور يوما أني سأخلعه من أصبعي، ولكن الطبيب أصر أن أخلعه وأن استخدم كريما رخيصا يحتوي على الكورتيزون لمرة واحدة، حين وضعته أمام الطبيب، على الطاولة تخيلت أمي ترقد أمامي فبكيت، وظللت أبكي ، تذكرت الذكريات المؤلمة التي لم تغادرني، ولكني وضعت الكريم لمرة واحدة أمام الطبيب وبعد أن عدت للبيت فوجئت باختفاء كل ما أشكو منه من احمرار وحساسية وتحسس…….
وكأني كزابي ……….. هكذا كانت تقول امي حين ينتهي أحد أعراض مرضها بوصفة أو دواء………
انتهت كل معاناتي وغابت ” دبلة ” أمي في درج خرانتي؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
تلك الحساسية أو الأكزيما تأبى أن تجعلني أحتفظ بذكرى دائمة في يدي
أخشى لو نسيت أمي لحظة
كان خاتمها يعيش معي
يتنفس معي
يتحرك
يرى ويسجل كل شيء
هكذا كنت أشعر
تلك الأكزيما اللعينة……….. تتآمر معي ………. أن انسى
عبثا أنساكي يا امي…….. أنت معي في كل لحظة، في كل همسة، في كل شهيق وكل زفير ……… أنت معي