يعتصرني الألم بعد كل تحقيق صحفي أجريه، واقضى اياما طويلة وأنا أفكر بالحالة التي صادفتني، وابكي وأتأثر كثيرا وأظل أطالع الصور التي تم التقاطها للحالة ولظروفها المعيشية كلما جلست إلى الحاسوب وأقرر في ذات نفسي أن أذهب مرة أخرى وأزور أصحاب المأساة وأقدم لهم مساعدة مالية بما تيسر ولكن ذلك لا يحدث………
تلك طبيعة الانسان الذي اطلق عليه اسم الانسان لأنه سريع النسيان، أو ان مشاكل الحياة هي التي تأخذه وتجرفه وتجعله ينسى كل شيء عن الأمس أو عمن حوله ليتركز كل تفكيره بمشاكله وحياته ودائرته الضيقة التي يعيش فيها.
مرت علي الكثير من الحالات الانسانية التي شدتني وجعلتني اعود لبيتي باكية وامتنع عن الطعام واكف عن الحديث واسرح وافكر كثيرا فيما رأيت وسمعت ولكن الايام تمضي لتأتي لي بقصة جديدة ولتأتي لي بمشكلة جديدة في حياتي، وتغطي المشكلة على القضيةوالحالة الانسانية وتترسب في سرداب الذاكرة ثم أتذكر كلمة احد الأصدقاء الذي قال لي: انت لست وزارة الشئون الاجتماعية وذلك حين كنت احدثه عن حالة مرضى بالثلاسيميا تعاني منها عائلة بأكملها أو عن عائلة تعيش في حظيرة حيوانا ت أو في مخزن أو عن طفل يموت لأنه بحاجة لنوع معين من الدواء، او عن أم عجوز تعيل بناتها المعوقات وحيدة ، وهكذا………
الصحافة هي مهنة المتاعب ولكنها بالنسبة لي مهنة الألم وقبل يومين بلغ بي الألم ذروته أمام حالة امرأة مسنة لا ترى إلا قليلا ,ولا تسمع أيضا وقد افنت عمرها لرعاية أمها المسنة ورفضت الزواج حتى توفيت امها وتركتها وحيدة بلا معيل ولا أنيس ، وفي النهاية تقول هذه السيدة: لست نادمة على قراري، فأمي هي أغلى شيء في حياتي وقد قدمت لها عمري وشبابي وجمالي وليتني استطعت أن أمنحها يوما من عمري.
تأثرت بهذه الحالة وقررت أن أزورها الأسبوع القادم واصحب معي لها هدية خاصة أن وضعها المادي سيء جدا، لا أدري ان كنت سأفي بوعدي لنفسي أم أن مشاغل الحياة ستجرفني ؟ ام هناك قصة جديدة سوف تأخذني وتشدني أكثر من هذه القصة ؟ والأهم والأقسى والأشد مرارة أخشى أن أتذكر عبارة زميلي فأترك هذه الحالات كما يفعل كل البشر لوزارة الشئون الاجتماعية…………….