اطلق فهد ابو الحاج مدير عام مركز ابو جهاد لشؤون الحركة الاسيرة في جامعة القدس تحذيرا لكل المؤسسات الحقوقية الدولية من ان استمرار السكوت عن اهدار حقوق الاسرى الاطفال في سجون الاحتلال الاسرائيلي سيقود الى نتائج مدمرة لحقوق الاطفال المعتقلين وسيفاقم ازمتهم ،كما وسسيقود الى التأثير عليهم حتى ما بعد الافراج عنهم سواءا جسديا فيما يتعلق بنموهم ام نفسيا وذلك باستمرار الاثار السلبية لتجربة الاعتقال لصيقة بسلوكيات مضطربة للاطفال الاسرى ما بعد الافراج عنهم .
وابتدأ ابو الحاج حديثه حول الاطفال الاسرى بالتذكير بما نصت عليه المواثيق والاعراف الدولية حيث قال ( نصت اتفاقية حقوق الطفل الدولية في مادتها (37)الفقرة ب على ما يلي (الا يحرم طفل من حريته بصورة غير قانونية او تعسفية ،ويجب ان يجري اعتقال الطفل او احتجازة او سجنه وفقا للقانون ،ولا يجوز ممارسته الا كملجأ اخير ولأقصر فترة زمنية مناسبة )
واضاف ابو الحاج ( ان إسرائيل واصلت الى يومنا هذا سياستها المتمثلة في إعتقال وسجن الأطفال الفلسطينيين فخلال الاعوام العشرة التي مضت قامت قوات الجيش الإسرائيلي باعتقال حوالي 7000 طفل فلسطيني (دون 18 من العمر)، ويوجد من بين هؤلاء من تم إعتقالهم بناء على أوامر الاعتقال الإداري دون تهمة أو محاكمة، وقد كانت الغالبية الساحقة من هؤلاء المعتقلين هم من الأولاد، وكان من ضمن المعتقلين الأطفال ثمانية بنات ممن أمضين أحكاماً بالسجن خلال فترات مختلفة ).
وبين ابو الحاج ان السجناء السياسيون من الأطفال الفلسطينييين يعانون عادة من انتهاكات روتينية لحقوقهم الإنسانية، وذلك خلال عملية الاعتقال وطوال فترة الاحتجاز والسجن، كما ويتعرضون للإساءة الجسدية والنفسية، وكثيرا ما يصل ذلك إلى حد التعذيب، وكذلك يمنعون من الإتصال مع محاميهم، وغالبا ما يمنعون كذلك من الإتصال بأسرهم أو العالم الخارجي، العديد منهم موقوفا دون تهمة أو محاكمة.
وحول ظروف اعتقالهم يقول ابو الحاج ( يواجه هؤلاء المعتقلون ظروف اعتقال سيئة بحيث تكون ظروف الإحتجاز غالبا غير إنسانية، سواء في المراكز التي يتم توقيفهم والتحقيق معهم فيها في البداية أو في المعتقلات التي ينقلون إليها بعد ذلك حيث ينتظرون المحاكمة أو يقضون فيها محكومياتهم، وعلاوة على ذلك فكثيرا ما يحرمون من الحصول على الرعاية الطبية المناسبه، وفي كثير من الحالات يكون الإعتقال والتحقيق والسجن تجربه نفسية واجتماعية لها آثار سلبية تتجاوز فترة الاعتقال).
ومن خلال متابعة فهد ابو الحاج ،لموضوع اعتقال الاطفال الفلسطينين ،وتلقي العديد من الرسائل التي تفضح ممارسات مصلحة السجون الاسرائيلية ومن المتباعة الدائمة لعمل المؤسسات الحقوقية وعمل المحامين ، اطلق ابو الحاج تحذيرا من الاثار المدمرة والجسيمة التي تتركها تجربة الاعتقال على نفسية وسلوك الاطفال الفلسطينين والناتجة عن خرق اسرائيل لكل القيم والاعراف الدولية .
واعاد ابو الحاج التذكير ان مركز ابو جهاد يعد لاطلاق سفينة شموع الحرية للاسرى ،والتي تهدف الى الترويج لقضية الاسرى في سجون اتلاحتلال الاسرائيلي ،رافعا اربع شعارات رئيسية ومطالبا العالم بسرعة تحقيقها ،وهي اطلاق سراح كافة الاطفال المعتقلين ،واطلاق سراح الاسيرات ،والاسرى المرضى ،والاسرى القدامى الذين مر على اعتقالهم فترات طويلة زادت لبعضهم عن 32 عاما كما حال عميد الاسرى الفلسطينين (نائل البرغوثي) .
وقد افرد ابو الحاج المعلومات الموسعة حول بعض القضايا الحساسة والتي سيسلط الضوء عليها اثناء الحملة الدولية عبر سفينة شموع الحرية ،مبتدءا بالاسرى المرضى وسيتم التركيز عبر العنوانين الثلالة المتبقية وهي الاسرى القدامى والاسيرات والاسرى الاطفال الذين سنكشف ظروف اعتقالهم واساليب التعامل معهم من قبل مصلحة السجون وعن آلية التواصل معهم من قبل المحامين وذويهم وفيما اذا كان يخصص لهم اماكن وظروف اعتقال خاصة وذلك تماشيا وقواعد القوانين والاعراف الدولية .
واعاد ابو الحاج بما ينص العهد الدولي الخاص للحقوق المدنية والسياسية في المادة العاشرة منه (يعامل جميع المحرومين من حريتهم معاملة انسانية ،تحترم الكرامة الاصيلة في الشخص الانساني ) ،وفي هذا الصدد نجد ان اسرائيل لا تراعي ما ورد في القاعدة السابقة وتقوم باعتقال الاطفال بكل وحشية وعنجهية ،حيث يقول ابو الحاج (يستخدم الجنود الإسرائيليون أساليب مروعة في إعتقال الأطفال الفلسطينيين؛ حيث تحاصر أعداد كبيرة من الجنود المدججين بالسلاح محيط منزل الطفل وتجبر أسرة الطفل على الخروج الى الشارع. غالبا ما يتم تفتيش منزل الأسرة وتكسير والعبث بمحتوياته، أما الطفل المستهدف فكثيرا ما يتعرض للإيذاء الجسدي ).
ويضيف ابو الحاج ( بمجرد إعتقال الطفل وإقتياده الى مركز التحقيق، فإنه غالبا ما يتم عصب العينين وتكبيل اليدين، وعادة ما يتم حرمان الطفل من الإتصال مع أسرته أو الاتصال بالمحامي، وفي كثير من الحالات، يتم الإعتداء بالضرب على الطفل لدى نقله الى مركز التحقيق ).
اما الحركة العالمية للدفاع عن الاطفال فرع فلسطين فيقول ابو الحاج انها من خلال متابعتها الدائمة لوضع الاسرى الاطفال ومن خلال منشوراتها الدورية تقول (في معظم الحالات، يتم إخضاع الأطفال الفلسطينيين للإستجواب فور وصولهم الى مراكز التحقيق، ونظرا لأن العديد من الأطفال يعتقلون في المساء أو في ساعات الصباح الأولى، غالبا ما تبدأ جلسات التحقيق بعد منتصف الليل، الممارسات المختلفة التي تحدث قبل بدأ التحقيق، تحديداً عملية الإعتقال والنقل العنيفة هي ممارسات مخطط لها للضغط على الطفل المعتقل للإدلاء باعتراف سريع ).
وبين ابو الحاج بان اسرائيل تخالف على الدوام ما ورد في العهد الدولي الخاص للحقوق المدنية والسياسية ، وانه على الرغم من ان اسرائيل هي دولة طرف في اتفاقية الامم المتحدة المناهضة للتعذيب ،وان حضر التعذيب يكون جزءا اصيلا من القانون الدولي العرفي،الا ان اجهزة الامن الاسرائيلية ،تواصل ممارسة التعذيب بحق الاسرى الفلسطينين بمن فيهم الاطفال ،ويشكل التعذيب جزءا اساسيا من الاساليب التي تتبعها اجهزة الامن في التحقيق مع الاطفال المعتقلين ، وكانت تعتمد من عشرات السنين اساليب التعذيب الجسدي ،وزادت بالفترات الاخيرة استخدامها من اساليب التعذيب النفسي .
وحول اساليب وطرق التعذيب يقول ابو الحاج ( تتبع القوات الاسرائيلية عددا من الأساليب المختلفة من أجل إرغام الأطفال الفلسطينيين على الإعتراف بالتهم المنسوبة اليهم؛ على سبيل المثال، أحد الأساليب الشائعة هو إستخدام العزل الإنفرادي، حيث يتم منع السجين من الإتصال مع أي شخص آخر، باستثناء حراس السجن،و غالبا ما يؤثر العزل الانفرادي على الصحة العقلية للسجناء ويمكن أن يسهل التعذيب وسوء المعاملة التي تمارس بحقهم، ويستخدم كوسيلة للضغط النفسي على السجين بهدف إرغامه على الإعتراف بالتهم الموجهة اليه، حيث تشيع ممارسة هذا الأسلوب خصوصاً في مراكز الإعتقال والتحقيق في أشكيلون، بتاح تكفا، الجلمه، والمسكوبية ).
ويضيف ابو الحاج ( بالإضافة للأشكال المختلفة من سوء المعاملة والتهديدات المذكورة أعلاه، يقوم المحققون بإعطاء وعود للأطفال بسجنهم لمدد مخففة في حال إعترف هؤلاء الأطفال بالتهم الموجهة اليهم بحيث تشكل هذه الإعترافات أساساً لإدانة الأطفال بالتهم الموجهة اليهم أمام المحكمة العسكرية الاسرائيلية ).
اتصال المحامين بالمعتقلين الاطفال
يقول ابو الحاج كما تجري العادة مع كافة المعتقلين ( لا يسمح للمحامين بالإتصال مع موكليهم إلا بعد إستكمال التحقيق لكن حتى ذلك الحين، هناك العديد من العوائق التي تجعل من الصعب على المحامين الفلسطينيين زيارة موكليهم من الأطفال المعتقلين ، العقبة الأولى هي أن العديد من الأطفال المعتقلين موجودين في مراكز تحقيق وتوقيف إسرائيلية خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة وعليه، من أجل زيارة المحامي للطفل يجب على المحامي أن يطلب ويحصل من السلطات الاسرائيلية على تصريح لدخول اسرائيل، لا يحصل على مثل هذه التصاريح سوى جزء صغير من الفلسطينيين، بمن فيهم المحامون).
ويزيد ابو الحاج بالقول (حتى لو تجاوزنا الاشكالية السابقة ، يبقى الوصول إلى مراكز التوقيف يمثل مشكلة بحد ذاتها ، و يجب أن يقدم المحامي لمركز الإعتقال قائمة بأسماء وأرقام هويات الأسرى الذين يرغب بزيارتهم، لدى تسلم القائمة والتأكد من أن المعتقلين هم فعلا في تلك المراكز تتفق إدارة السجن والمحامي على تاريخ الزيارة، هذه العملية غالبا ما تكون ممله وتستغرق وقتا طويلا حيث يضطر المحامي الى إجراء عدة مكالمات مع السجن من أجل التأكد من أن قائمة أسماء المعتقلين التي أرسلها بالفاكس قد وصلتهم وذلك من أجل ترتيب موعد الزيارة، والعاملون في هذه المنشآت غير متعاونين في أحيان كثيرة، ولا يتركون رسائل أو يردون على المكالمات الهاتفية، مما يصعب هذه العملية أكثر).
ويختم ابو الحاج في هذا الشان بالقول ( بمجرد حلول يوم زيارة المحامين، يجبر المحامون في معظم الأحيان على الإنتظار ساعة أو أكثر خارج السجن قبل السماح لهم بالدخول و غالبا ما يتم أخذ المحامي إلى غرفة تتم فيها بالعادة الزيارات الفردية لموكليهم من الأطفال).
ظروف الزنازين
وحول ظروف الاقامة في السجون والزنازين يقول ابو الحاج (يعاني الأطفال المعتقلون من اسوأ ظروف الإعتقال، حيث يتم اعتقال الأطفال في زنازين مكتظه وسيئة ولا تلبي الإحتياجات الصحية الأساسية، فهي عادة ما تكون غير صالحة للسكن البشري، ولا يتوفر للأطفال سوى الفرشات والبطانيات الرقيقة والتي تكون عموما ذات رائحة سيئة بسبب سوء التهويه في هذه الزنازين حيث لا يدخل الهواء النقي ولا ضوء الشمس الى غرف الأطفال المعتقلين، كما لا توجد وسيلة لتسخين المياه أو الطعام للأطفال).
وحول نوعية الطعام المقدم للسجناء يكون سيء النوعية والكمية، وأحيانا، غير صالح للأكل،وفي هذا الشأن يقول ابو الحاج ( في بعض الحالات، يقدم للاطفال وجبات منتظمة، ولكن في أحيان أخرى، لا يقدم للأطفال سوى ما يتبقى من بقايا طعام الجنود، كل الطعام يقدم بارداً لأن الوجبات لا تقدم بشكل فوري).
و من حيث الكميه، قال ابو الحاج ان الأسرى فى مراكز الاحتجاز والتحقيق في سالم وعتصيون،( أن كل غرفة تتلقى على الإفطار علبة 250 غم من اللبنة وقطعة كبيرة من الخبز. هذا الطعام يتم تقاسمه بين جميع المعتقلين. كما لا تتم زيادة كمية الطعام حتى إذا زاد عدد السجناء في الغرفة، كما يتم تقديم نفس الطعام للعشاء، أما بالنسبة للغداء، يحصل السجناء على كمية صغيرة من البطاطا والبيض والبندورة، والأرز أو المعكرونة، و في بعض الحالات يقدم للسجناء مواد غذائية إضافية يتم التبرع بها من قبل الجمعيات الخيريه، ولكن الجنود الإسرائيليين، غالبا ما يسرقون بعض من هذه المواد الغذائيه لأنفسهم ولا يتركون للسجناء سوى جزء صغير من ذلك الطعام.
وحسب شهادة بعض الاسرى يقول ابو الحاج ( انه في حالات كثيرة قدم للسجناء الفلسطينيين طعام بعد موعد انتهاء صلاحيته؛ ففي 25 نيسان/ ابريل 2006، بعد تقديم طعام انتهت مدة صلاحيته للمعتقلين في مركز حوارة للتحقيق والتوقيف، تم نقل 11 معتقلاً، منهم أربعة أطفال، للعلاج من الإسهال الشديد؛ السجناء تمت معالجتهم فقط من قبل ممرض المركز الذي لم يطلب من الطبيب معاينتهم ومعالجتهم).
الأشكال الرئيسية للعقاب
يتعرض الأطفال الفلسطينيون السجناء لشتى ألوان العقاب طوال فترة إعتقالهم وإحتجازهم، ويتحدث ابو الحاج حول بعض اشكال العقاب واكثرها قسوة وتاثير بحق الاطفال الاسرى.
الحبس الانفرادي
بالإضافة الى استخدام الحبس الإنفرادي كوسيله لإجبار الأطفال على الإدلاء بإعترافات، يقول ابو الحاج(تستخدم كذلك كوسيله لمعاقبة الأطفال الأسرى في السجون المركزية، خصوصا سجن هشارون ، حيث يستخدم الحبس الإنفرادي كوسيله للعقاب بسبب مخالفات صغيرة جداً لقواعد السجن مثل التأخر في الوقوف على العدد أو بسبب التكلم بصوت عال أثناء الفسحة الخارجية ( الفورة ) ومدة الحبس الإنفرادي في هذه الحالات يمكن ان تستمر لمدة اسبوع وفي حالات أخرى، يمكن ان تستمر لمدة شهر).
الحرمان من الزيارة
وحول ذلك يقول ابو الحاج (هذا نوع آخر من العقاب يهدف إلى حرمان السجين من الزيارات العائليه، وهذه العقوبه قد تستمر لمدة تصل الى ثلاثة أشهرو إدارات السجون من جهتها لا تبلغ عائلات الأطفال بأنهم محرومين من الزيارات، ولذلك إذا لم يكن الطفل قادر على إعلام عائلته بعقوبته تلك، عندها قد تمر عائلته في جميع مراحل العملية الشاقة للوصول الى السجن قبل أن يتم إعلامهم بمنعهم من زيارة أبنائهم).
الغرامات
تواصل السلطات الاسرائيلية فرض عقوبات مالية على السجناء السياسيين الفلسطينيين الأطفال كشكل من أشكال العقاب،حيث قال ابو الحاج ( تم فرض غرامات مالية على حوالى 50 طفلا فقط خلال عام 2006، إدارة السجون تحصل قيمة الغرامه من خلال سحب الأموال من الحسابات الخاصة بكانتينا السجن،وتجدر الاشارة الى انه لا يملك كل سجين حساباً خاصاً به في الكانتينا، بل هنالك حسابات جماعية بإسم سجين معين في كل قسم يودع فيه جميع السجناء المال، فمثلا بينما قد يكون هناك 30 شخصا في قسم معين، فقط خمسة سجناء يكون لديهم حسابات كانتينا بإسمهم ويقوم السجناء الآخرين بإيداع الأموال في هذه الحسابات، اذا كان أحد السجناء في القسم تلقى غرامة، تقوم إدارة السجن بسحب قيمة العقوبة من أي من تلك الحسابات لذلك القسم، ولذلك ليس فقط الطفل الذي تلقى غرامة هو من يعاني من العقوبه).
الحرمان من الفورة
ويقول ابو الحاج( يمنع الأطفال أيضا من الخروج للاستجمام في وقت الفورة، وذلك كشكل من أشكال العقاب، يستمر هذا النوع من العقاب لمدة اسبوع وذلك بسبب مخالفات بسيطة لنظام السجن مثل عدم الوقوف فوراً للعد أو بسبب إرتفاع الصوت، أو الصياح أو الغناء وما إلى ذلك، هذا العقاب يفرض بشكل عام على أساس جماعي من قبل حراس السجن الذين لا يستطيعون معرفة من هو المسؤول عن المخالفه ) .