بقلم :محمد الكرافس
العرب أونلاين 28/04/2011
******************
إن صوت الثقافة الذي أريد له سابقا أن يكون مبحوحا في الواقع العربي ليس بمنأى عن الاحتجاج هو الآخر لما له من مظالم و تراكمات في خلخلة بنية التوازن الديناميكي داخل المجتمع العربي لاسيما و الأنظمة القائمة بدأت تتهاوى أمام ثورة كوبرنيكية مناهضة و أظهرت هشاشة فظيعة في التعامل مع المتغيرات العالمية التي أدخلت المواطن العربي في منظومة جديدة هي منظومة المواطن الكوني المستعصى احتواؤه سياسيا/أيديولوجيا من طرف أجهزة الاستقطاب السياسي المحلي.
وقد تحدث الفيلسوف مارتن هايدكر عن حركية الفكر حين قال :” إن العلم لا ينتج الفكر ” طالما أن التقدم الذي يعرفه العالم علميا و تكنولوجيا ليس كافيا مادام يصاحبه موازاة مع ذلك تقزيم و اختراق لمدينة العقل /الفكر و هو ما نلمسه في سياسة التدجين المهاجمة لسلطة المعرفة بالأساس في عمق فكر الثورة العربية و كل ذلك قصد إطالة عمر “فكر “معين هو فكر النمذجة السطحية و الميوعة و الانبهار بالآخر و أحادية السلطة .
و قد عملت مراكز القرار العربي في ظرف معين و طوال عقود على محاربة توسع دائرة -النخب المثقفة – لما لهذه الأخيرة من تصور أخلاقي/مثالي عن تبلور الحكم الحقيقي – فبقيت قابعة في هامش الواقع العربي الذي استفردت به النظم الحاكمة و من والاها، و هو نفس الأمر الذي خيب آمال أفلاطون في نظرته إلى الأوليغارشيه و فوضى الواقع الإغريقي آنذاك التي اندحرت أمامها دروب مدينته الفاضلة. ليس هذا ترميزا لشيء معين بقدر ما هو تصور فلسفي للأمور طالما أن الفيلسوف و المثقف و المنتج للفكر و المعرفة عموما يبقى في مرتبة أسمى من الانغماس في فساد منظومة بأكملها و يفضل بذلك الإبقاء على طهارته في إحداثيات الأوراق و الكتب ،رغم أن بعض الكتاب العرب يتورطون – تنظيرا أو مشاركة- في اللعبة السياسية المختلة/غير العادلة لإبقاء الأمور على حالها ، مثلما نجد بعض المثقفين المنتسبين إلى مدينة العقل و الفكر يُنظّرون (بضم الياء و كسر الظاء) بغير ما يعقلون و ضدا على ما يكتبون و يقرؤون، فيعصفون بمشاريعهم الفكرية و مستقبلهم الإبداعي مقابل نيل رضا جهات معينة و كسب ثقة العشيرة السياسية و هذه السلوكيات المفرملة للرغبة في التغيير زائفة و موسمية و لا يمكن لها أن تسافر بمصداقية المثقف في سفينة المجتمع شبرا واحدا.
من جديد، هذه فرصة على الكاتب و المبدع العربي أن يعمل خلالها على محاولة التحرر من مخلفات الربقة السياسية البائدة و أن يقطع جذور الاغتراب التي خلقتها السلطة لعزله عن ذاته و عن واقعه و ذلك عبر رسم خارطة طريق جديدة في التعامل مع مكونات الواقع العربي و محاربة ظاهرة الاستقطاب الهجين التي يقوم بها معسكر السياسيين لأن هؤلاء في حاجة إلى من يقوم بالتصديق أخلاقيا على أفعالهم و التي غالبا ما تكون منافية للقانون، بالمفهوم الأخلاقي للكلمة طبعا.
لقد تحلحلت الذهنية العربية أخيرا من وضعها بعد ممارسات سياسية تنميطية كانت تحارب أي مد لجسر التواصل بين المجتمع و الفكر و هي ممارسات شوفينية كانت ” تقولب” أشكال التفكير العربي و ترسم نمطا ديماغوجيا و مغلوطا عن المشاركة في اللعبة السياسية لاسيما و الدساتير العربية تتساوى في تحصين مصالح الفاعل الرئيسي مع تجريم و رفض اللاءات المتجهة نحوه فأي حكم هذا الذي يرفض الانتقاد ؟ و أي ديمقراطية هذه التي تتغذى على الرقابة و إقصاء الآخرين؟
فالوضعية العامة للمثقف العربي قبل الثورة كانت تجعله قطبا ضعيف الكيان بينما “ثقافة” التمييع و التسفيه و التشجيع على النمذجة الاستهلاكية هي السائدة و تنفير الناس من كل ما يمت بصلة للأدب و الفكر هو عمل مقصود إذا تأملنا الإمكانيات الضخمة المسطرة للبرامج الإعلامية التي تكرس أشباه الفن و الخطاب السطحي المبتذل و ربما الاستثناء الوحيد هو برامج الشعر و الأدب و الجوائز الثقافية في بعض المنابر الإعلامية العربية و التي استطاعت مؤخرا العمل على إسماع صوت المثقفين و طبع إنتاجاتهم و الترويج لها و لو بشكل محتشم.
لكن ذلك ليس كافيا إذا لم يقترن بالرغبة السياسية في ضرورة خلق توازن داخل المجتمع بين مختلف أنماط التجاذبات و الأذواق لأن ما يخلق الكيان الفكري و الحضاري للبلد على امتداد التاريخ هو الإنتاج الفكري و الإبداعي الراقي و ليس نشر الميوعة و التسفيه و ثقافة الابتداع و التي تعتبر صورا زائفة لمظاهر التقدم و الحركية داخل المجتمع سرعان ما تختفي مثل زبد البحر .
في الأخير تجدر الإشارة إلى أن المشهد العربي وفي ظل خلقه لتوليفات جديدة في موجة الاحتجاجات التي طالت مكوناته السياسية و الاجتماعية و الثقافية و حتى الإعلامية يسعى إلى تكريس صورة التغيير التي ترسمها أصوات هذه الاحتجاجات الجمعية و إلى بلورة منظومة مغايرة لما سبق، مع مراعاة أن يصير الفكر والثقافة بمختلف الأطياف و المرجعيات محورا رئيسا في دفع عجلة هذا التغيير و خلق توازنات داخل المجتمع ضد كل أنواع الابتذال و التمييع و السطحية.
Some time ago, I did need to buy a house for my business but I did not earn enough cash and could not purchase anything. Thank goodness my dude proposed to take the business loans from reliable bank. Thus, I did so and used to be satisfied with my commercial loan.