فضـح السـتر …
1,304 مشاهده أفكار العقل نوفمبر 23rd, 2010بحكم النرجسية الوطنية التي تحكم تصور الإنسان لنفسه و لشعبه و لوطنه أعتقد أننا أصبحنا مبدعون في كل شئ و خصوصاً في المجال الإعلامي , حيث فازت قناة القدس الفضائية ( الفلسطينية ) بجائزة أفضل برنامج وثائقي عن برنامج ” أحلام بسيطة ” في المؤتمر الرابع لاتحاد التلفزيونات والإذاعات الإسلامية في طهران , و دفعني هذا الخبر لمشاهدة ذلك البرنامج الذي يهدف على ما فهمت لتحقيق أحلام بعض العائلات المستورة و المحتاجة في قطاع غزة , لكن و للأسف لم أجد فيه ما يستحق الجائزة سوى بعض الإبداع المهني فقط , و قبل أن تنتهي الحلقة نفذ صبري و أغلقت التلفاز , فقد كنت و لا زلت متحفظاً على مثل هذه البرامج التلفزيونية الشهيرة و التي تستخدم البسطاء و الفقراء و تجعل من حاجتهم و قلة قدرتهم و فضح سترهم مادة أو موضوعاً مُثيراً لحصد اكبر عدد من المشاهدين لتلك البرامج , و كذلك جذب المزيد من الداعمين و الممولين لها و الذين يحبون ان يظهروا بمظهر المُحسن , حتى أصبحت لا أفضل مشاهدتها لأنها تثير الكثير من التحفظات و التساؤلات بداخل الإنسان , فمن جهة تتعاطف كثيراً إلى حد البكاء احياناً مع تلك العائلات أو الحالات التي يتم عرضها في تلك البرامج و شدة حاجتها و فقرها , و من جهة آخرى تثور بداخلك تساؤلات تلقائية , اين الدولة ؟ … , اين الحكومة ؟ … , اين المؤسسات الأهلية التي تقوم اساساً على رعاية مثل هؤلاء ؟ … , و اين تذهب تلك الأموال التي تُجمع بأسمهم و تحت شعارات متعددة إنسانية أو دينية تقوم كُلها على أوجاعهم و مُعاناتهم ؟ … , و من جهة ثالثة يثور بداخلك التحفظ الأساسي و الإنساني و هو حقهم في الستر و عدم فضحهم على شاشات القنوات الأرضية و الفضائية , على قاعدة أن لا ترى يدك اليُسرى و المشاهدين ما أعطته يدك اليُمنى !!! حيث أن حاجتهم الماسة لا تعني أن تُستباح إنسانيتهم و فضح سترهم إجتماعياً و إن كان ذلك بهدف مساعدتهم , ففي تلك البرامج يحدث أن يتم سترهم مادياً و تعريتهم معنوياً , و إنني أتحدى كل تلك البرامج و الفضائيات أن تساعدهم دون أن يظهروا أمام الكاميرات , فأنت ترى الكثير من المشاهد المؤذية و المُستبيحة لهم , تقترب الكاميرا أكثر من وجه تلك العجوز لتنقل لك انهمار الدموع من عينيها و خجلها الشديد ليس من فقرها بل من تلك الكاميرا التي تنتهك إنسانيتها , و ثلاث فتايات في مُقتبل العمر يختبئن خلف جدار اسمنتي ينهار فلا يُردن أن يظهرن في البرنامج فتراهن زميلاتهن في المدرسة بهذا الشكل , و يحاولن التحايل على مقدم البرنامج كي لا يدفعن ثمن الخزانة أو الثلاجة التي جلبها معه بظهورهن القسري في برنامجه إلا انهن يستسلمن و يتقدمن بحذر لفتح أبواب تلك الخزانة و إبداء الفرح المغموس بالذل و الدموع أمام كاميرا البرنامج الشهير , ثم يأتي السؤال التقليدي التافه لهؤلاء الفقراء , بماذا تشعر الآن ؟ اشعر أنني مُباح و مُنتهك و بلا كرامة و أن كل شئ في الحياة له مُقابل … أشعر بالفرح و أشكرك يا أستاذ و أشكر أهل الخير ….. ليس هكذا تقدم المساعدة للناس يا سادة إذا كانت مجردة من اي شئ آخر , أو إذا كانت مدفوعة بقيمة الخير كما تدّعون , ليس بالدوس على كرامات الضعفاء و استغلال حاجتهم لأهداف قد لا يعونها , ليس هكذا يكون الإبداع و لا حتى التجارة .
نوفمبر 23rd, 2010 في 12:52 ص
رائع رائع رائع … ما اجمل نظراتك و تعمقك بين سطور مشهد زائف … بكل معاني الكلمات .. يستحق مقالك التقدير و الثناء .. تحياتي صديقي .
نوفمبر 25th, 2010 في 4:53 ص
بداية مقال في غاية من الروعة يحتوى على قراءة للبرنامج من زاوية أخرى قد تكون هي الغاية الحقيقية للبرنامج ، الغريب انهم وكما يدعون يركزون على الاحلام البسيطة ويتركون الحقيقة الخيالية وهي ان القائمين على هذه القناة وهذا البرنامج هم من مالكي الثروة بفضل أحلام هؤلاء البسطاء
موفق أستاذ مؤمن
تحياتي
نوفمبر 27th, 2010 في 5:00 م
ابراهيم , شكراً لمرورك و لكلماتك الرائعة .
نوفمبر 27th, 2010 في 5:04 م
يوسف , شكراً لمرورك و قراءتك الواعية للموضوع و لتعليقك …
هم هكذا يا صديقي يؤمنون فقط بالإستثمار , استثمار اي شئ حتى معاناة البسطاء و الفقراء , و لا يقيمون وزناً لكرامة و حقوق الآخرين …