التصنيفات Uncategorized
الكاتب / محمود أبو الهنود
لم يُسمح لهُما
كان ذلك قبل أكثر من ستون عام
حكايتي و” شجرة برتقال ” لم تنتهي .. ويبدو أنها لن تنتهي
كانت كالعروس الدمشقية تزين ساحة المنزل
تدلي أغصانها .. وتقترب في كل صباح من والدي كأنها تغازله
أحبها.. حتى عشقها من شدة طيب رائحتها الزكية
كان يروي لي عند كل منام شيء قليل عنها
يحيرك طعمها .. برتقال هو أم تفاح أحمر معطر
لم يجد مثلها بين كروم البرتقال
بقيت في ذاكرته خالدة
لم تفارقه لحظة
رغم أنها رحلت
سُرقت من والدي كأشياء أخرى
المنزل لم يعد يمنحه الفرحة
كالسابق!
لانه أيضاً سرق؟
كشجرة البرتقال تماماً
البستان سرق
الناقة سرقت
فرن الطابون سرق
الابريق لم يعد والدي يصب منه الماء على بذور الزرع
لانه سُرق
مسجد القرية هُدم
المدرسة حولوها مستعمرة
غيروا التاريخ!
كان لهم ما أرادوا
نجحوا في ذلك
لكنهم نسوا
أن يسرقوا مفتاح الدار وأوراق ورثها والدي عن أجداده
هو أخفاهم .. تشبث بهم بأسنانه
أصبحوا له كل شيء
وهم لي كذلك من بعد فراقه
تل المنطار: سياحة غائبة ومستثمرون يبحثون عن مشروعات أكثر استقراراً وربحا
تل المنطار: سياحة غائبة ومستثمرون يبحثون عن مشروعات أكثر استقراراً وربحا
قطاع غزة – محمود أبو الهنود
بحر غزة، ورمالها، وأبراجها السكنية الشاهقة التي تعلو سماء المدينة، تبدو لمن يصعد فوق “تلة المنطار” شرقي حي الشجاعية كأنها مبسوطة بين كفي يديه.
إنه سحر المكان الذي يحاول أبو أحمد 44 عام أحد سكان المنطقة – كما يقول – فهمه أو حتى وصفه في كل مرة يجلس فيها فوق التلة.
ابو أحمد لا يعلم أن كثيرين ممن سبقوه عشقوا ذات المقعد الذي جلس عليه، وعجزوا مثله عن تحديد وصف دقيق لتلة تختصر حاضر وتاريخ غزة العريق .
تحت ظل شجرة “جميز” ترقد منذ مئات السنيين على قمة التلة يجد أبو أحمد فرصته للهروب من زحمة المدينة التي يقطنها أكثر من نصف مليون مواطن.
هو يشرح ” لمضمون جديد كيف أن المكان رغم أهميته الاستراتيجية والتاريخية، أصبح اليوم مهملاً وتتهدده أخطار عديدة من بينها مياه الامطار التي باتت تجرف معها خلال الاعوام الاخيرة أجزاء من الطرق الطينية المؤدية للتلة بفعل عدم تأهيلها وتعبيدها، اضافة الى عزوف المستثمرين عن إنشاء المشاريع السياحية والترفيهية واستغلال الارث الثقافي والحضاري لتلك التلة التي كانت على مدار التاريخ بمثابة القلعة التي تصون غزة وتحميها من أي أخطار خارجية قد تحدق بها.
إمام مسجد المنطار المقام فوق التلة الحاج خليل حرارة له كلمة في ذلك، يقول: إن هناك خطر حقيقي يتهدد الطرق المؤدية للتلة والتي أصبحت تشهد في أجزاء منها تعرية جراء مياه الامطار، داعياً الى ضرورة تحسين البنية التحتية، بما يضمن الحفاظ على التلة.
وأشار حرارة الى الاهمية الكبيرة التي يحتلها المنطار ، باعتباره ارثاً ثقافياً وتاريخياً لمدينة غزة هاشم يستوجب اهتماماً أكبر والعمل على النهوض بالموقع سياحياً واقتصادياً، معبراً عن انزعاجه من الاعتداءات التي تقوم بها قوات الاحتلال الاسرائيلي بين الحين والآخر بحق التلة والمسجد المقام فوقها والذي يضم بجانبه قبر يعتقد أن ولياً يدعى على المنطار دفن به ، مشيراً إلى أن التلة كانت على مدار التاريخ تغيظ الاعداء وتقهر جبروتهم.
المؤرخ الفلسطيني سليم المبيّض يصف تلة المنطار في دراسة تاريخية له، فيقول: إنها عبارة عن أراضٍ سهلية منخفضة تبدو كواد قديم قد هجرته المياه، وتتميز بخصوبتها وكثرة بساتينها، مشيراً إلى أنها ترتفع بنحو تسعين مترا فوق مستوى سطح البحر، وهي تحتل بذلك المرتبة الأولى من حيث الارتفاع على سلسلة التلال التي تحف القطاع من جهة الشرق ممتدة من شماله حتى اقصى جنوبه.
ويبدو التل منتصباً وسط أراضي سهلية شاسعة يشرف عليها، جعلته اشبه بظاهرة المونادنوك Monadnoc، حيث كانت تلك الأراضي في الماضي بمثابة “سلة الخبز ” لمدينة غزة خاصة، وللقبائل العربية القاطنة إلى الشرق منه.
واكتسبت التلة أهمية تاريخية على مر العصور، ، فقد تحصن بها الجنود الاتراك والمصريين وقوات من جيش التحرير الفلسطيني حيث سقط عدد كبير من الشهداء فوق التلة، كما استفاد منها العرب المسلمون أيام الفتح الإسلامي فاستعملوه كموقع لـ “النطرة”، فاذا ما تعرضت المدينة للغزو أشعلوا فوق هذا التل النيران ليلاً، أو الدخان نهاراً ليبلغ سكان المدينة بسرعة عن العدو القادم.
وتؤكد بعض الروايات أن هذا السبب يعود الى تسميته “بالمنطار”، وينتشر هذا الاسم في معظم المدن الفلسطينية، وكذلك الأردنية على المواقع المرتفعة أو الجبال التي تشرف على المدن أو القرى.
ويحيط بقطاع غزة عدة تلال من أهمها تل “ام عامر”. ويقع إلى الجنوب من معسكر النصيرات، بالاضافة الى تل المنطار ورفح و الرقيش و تل العجول، الذي يقع جنوب مدينة غزة على الضفة الشمالية لوادي غزة، وهو من أهم المواقع الأثرية في القطاع وكانت تقوم عليه مدينة بيت جلايم الكنعانية.
وبحسب دراسات تاريخية فإن المكان يعتقد أنه موقع مدينة غزة القديمة التي أنشأت على هذا التل في حوالي سنة 2000 ق.م.
وأهم المكتشفات سور عرضه2.5 وارتفاع 50 قدماً، و تم العثور في موقع تل العجول على نفق بطول 500قدم، وخمسة قصور ضخمة قام بعضها فوق بعض، وتؤكد الدراسات أن أقدم هذه القصور يعود إلى 3000 ق.م. وجد فيه غرفة حمام رحبة وقصر واحد يعود إلى زمن الأسرة المصرية الثامنة عشر 1580-1350 ق.م، حيث تعود بقية القصور إلى زمن الأسر السادسة عشر والخامسة عشر والثانية عشر.
يقول د. عبد القادر حماد الاستاذ المساعد في جامعة الاقصى وباحث في الشئون السياحية لـ “مضمون جديد” إن منطقة ” تل المنطار متعطشة لمشروعات سياحية يمكنها النهوض بموقع التلة، موضحاً أهمية استغلالها سياحياً من خلال خطة مدروسة ومعدة مسبقاً.
وتوقع حماد نجاح أي مشروعات استثمارية في المنطقة، مع ضرورة الاخذ بعين الاعتبار أن تل المنطار يشكل امتداد تاريخي وسياحي لباقي المعالم السياحية في مدينة غزة، بحيث لا يمكن الحديث بشكل منفصل عن باقي المواقع السياحية الاخرى,.
واضاف أن ذهاب معظم المشروعات الاستثمارية لاستغلال المناطق الساحلية الغربية من مدينة غزة أثر ذلك على محدودية الفرص الاستثمارية الموجهة للمناطق الشرقية للمدينة وجعلها بحاجة ماسة لعدد كبير من المشاريع.
وأوضح د. نهاد الشيخ خليل رئيس قسم التاريخ والآثار بالجامعة الاسلامية بغزة أن أهمية تل المنطار نشأت من الاحداث التاريخية التي مرت عليه، التي دفعت السكان الغزيين أن يطلقوا عليه اسم “جبل” تعظيماً له، مشيراً إلى أن المنطار كان مركزاً للثورة قبل العام 1948م وبعد ذلك التاريخ.
وتميز التل بتلك المواسم الدينية التي كانت تشهد زحفاً بشرياً رهيباً بحيث كان يهدف صلاح الدين الايوبي من وراء اطلاقها الى ابقاء الناس في حالة استعداد وتأهب لمواجهة خطر الجيوش الصليبية. ودعا الشيخ خليل وزارة السياحة بغزة الى تحويل “التل” الى معلماً سياحياً وإنشاء متحف يضم آثار المنطقة ، مضيفاً إلى أن هناك شواهد على وجود بعض الاثار والمغارات القديمة.
وأكد على أهمية توفير الدعم والميزانيات الكافية التي تساعد الباحثين على اعداد الدراسات والبحوث للتعريف بتاريخ هذا التل ومكانته الثقافية والحضارية.
وقال علي الحايك رئيس جمعية رجال الاعمال بغزة إن منطقة تلة المنطار تستحق اهتمام المستثمرين لما تحتله من مكانة تاريخية وأثرية قديمة، مشيراً الى أن المشاريع الاستثمارية في القطاع السياحي في مدينة غزة تذهب معظمها الى استغلال منطقة البحر غربا، بينما يوجد اهتمام أقل بالمنطقة الشرقية وهو ما يتطلب اهتمام حكومي اكبر نحو تشجيع رجال الاعمال للاستثمار في تلك المنطقة، حيث أنها ملائمة للاستثمار، وما يزيد من فرص نجاح مشروعات استثمارية سياحية ما تتميز به التلة من ارتفاعها الكبير عن سطح البحر واطلالتها بشكل مباشر على المدينة.
وأوضح أنه لم يسبق أن كانت مبادرات للاستثمار في تلك المنطقة نتيجة عدة عوامل من بينها عدم وجود دراسات وتوعية سابقة من قبل الحكومات المتعاقبة نحو تشجيع المستثمرين لاستغلال التلة، اضافة الى تعرض المناطق الشرقية في مدينة غزة الى عمليات اجتياحات وتجريف مستمرة من قبل الاحتلال بحكم قربها من الحدود.
وقال مدير دائرة المتاحف بوزارة السياحة التابعة للحكومة المقالة بغزة أسعد عاشور لـ “مضمون جديد” إن أهمية منطقة تل المنطار جاءت من المكانة الكبيرة لها عبر التاريخ، فقد قام صلاح الدين الايوبي بعمل أول موسم شعبي في المنطقة حيث كان يطلق عليه “موسم خميس تل المنطار.
واضاف إن التل يتميز من حيث ارتفاعه على معظم التلال المحيطة في قطاع غزة، مشيراً الى أن وزارة السياحة والآثار ومنذ إنشاء السلطة الفلسطينية عملت على الحفاظ على المواقع الأثرية المتناثرة والمعروفة لحمايتها وترميمها بحيث تعبر عن تاريخ الشعب الفلسطيني، موضحاً أنه لم تكن هناك خطط سابقة للاستثمار في تلك المنطقة واستغلالها سياحيا ، وقد يكون ذلك بفعل قرب المنطقة من الحدود وتعرضها في بعض الاحيان لاعتداءات من قبل قوات الاحتلال المتمركزة فوق المكان ، داعياً للاستثمار في المنطقة واستغلالها سياحياً.
حكم وتطلعات
حكم وتطلعات
الكاتب / محمود أبو الهنود
* الفاشلون يتطلعون لأي نصر.. والناجحون واثقون دائماً أنهم في حالة نصر.
* رب كلمات عابرة تصحح سلوك قوماً.. ورب كلمات هادفة تزيد السوء سوءاً .. فاعلموا ما تقولون تجدوا ما اليه تطمحون.
* وراء كل امرأة عظيمة انسان.
* المسلحون ضعفاء … والمجردون أقوياء.
* لاتلمني يا صديقي ان قاطعتك.. اتخذتك للدهر رفيقاً .. فما كنت سوى للدينار عابداً وكاهناً وراهباً في وقت الضيق.
* الفقر ليس عيباً .. العيب أن ترضى بالفقر ان كنت قادرا.
*الهزيمة تتولد من اليأس .
* حاول أن تساعد غيرك .. تتفتح لك المزيد من الآفاق.
* المجد يصنعه العمل .
* رب كاتب يهزم بأسطره جيشاً .. ورب جاهل يدمر بفكره نظاماً.
* لاتكن للسيف مطأطأ الرأس.
* أنت حر مالم ترضى بالعبودية لغير خالقك.
* الاحرار يأتون بالنصر .
* اترك الجاهل لجهله ما لم يقتنع بالفكر الآخر.
*المرأة شجرة طيبة .. فروعها تثمر بلا توقف.
* ساعد الفقير .. يتمنى لك الغنى.
* لا تيأس من الفشل .. واجعله طريقك للنجاح.
* اذا كنت في الاربعين من عمرك .. اجلس مع أصحاب الثمانين .. يصبح عمرك مائة وعشرون.
* احسن الى من احسن اليك وقت كنت ترقب الاحسان.
* لو كان الخلد لسلطانك لاعطاه الله لانبياءه.
* استمتع في عملك ولاتنظر أن تصبح مسئولاً لايجد متعة سوى بالنظر الى ما تصنع بيدك.
* اعمل بصمت .. وانتظر أن تكافئك جهودك.
* لاتدعي العظمة فهي من صفات الله وحده.
* الناس أنواع .. بعضهم من ذهب وآخرون لامعدن لهم.
* اعلم أن مستقبلك من حاضرك.
* انصت الى من أكبر منك بساعة.
* كلنا بنو آدم .. لنا بداية ونهاية..
* الكريم تحبه الناس والبخيل تكرهه نفسه.
بوردو وباريس وأشياء أخرى
بوردو وباريس وأشياء أخرى
قصة قصيرة – الكاتب -محمود أبو الهنود
( الجزء الأول )
دقات عقارب الساعة تشير الى الثامنة صباحاً ، محطة قطارات أوسترليتيز في باريس تزدحم باعداد كبيرة من المسافرين المتوجهين الى مناطق مختلفة من فرنسا ، يسارع خالد خطواته مستقلاً إحدى القطارات في طريقه الى مدينة بوردو في الجنوب الغربي من فرنسا ، المكالمة الهاتفية التي تلقاها خالد في السادسة صباحا من موظفة ادارة فندق Adagio Bordeaux Gambetta ، أكدت له وصول الوفد الاماراتي المقرر مشاركته بعد عدة أيام في مؤتمر دولي حول البيئة والتغيرات المناخية الذي سيعقد في باريس حيث يقوم بجولة سياحية في المدينة الاجمل من فرنسا ، فبوردو المدينة الدافئة تمتلك الكثير من المعالم السياحية التي تدفع بضيوف فرنسا للاطلاع على تاريخ وسحر هذه المدينة التي تقع على الساحل الجنوبي لنهر جيروند الكبير ، بالاضافة لقصور النبلاء والحكماء ، ومزارع الدالية في ريفها الرائع، هناك الفنادق والمتنزهات والاماكن الساحرة في وسط وشمال المدينة ، يسير القطار بسرعته الرهيبة ، وأنظار خالد تراقب بين الحين والاخر عقارب الساعة ، حيث يفترض تواجده في الفندق عند الساعة الثانية عشرة ظهراً ، ليصطحب الوفد الإماراتي في جولته السياحية فهو يعمل منذ عدة سنوات كمرشد سياحي ومترجم ، ولديه معرفة كبيرة بالاماكن والاثار العريقة التي تحتويها المدينة ، بالفعل وصل خالد الى الفندق عند الموعد المحدد وذلك بعد أن شرب فنجان من القهوة مع بعض الحلوى الفرنسية الفاخرة من مقهى شهير في ضاحية ( Rue Sainte-Catherine ) وسط المدينة ، رحبت موظفة الادارة بفندق Adagio Bordeaux Gambetta بخالد ورافقته الى مكان تواجد الوفد .. هناك تفاجأـ خالد بكلمات الترحيب التي بدأ يطلقها الجرسون بينما كان يقدم وجبة غذاء سريعة لاعضاء الوفد ، الصوت ليس غريباً عليه ، نظر خالد الى الجرسون باهتمام كبير ، هذا أنت يقول خالد ! ، إنه رائد مصري الجنسية ، صديق الطفولة لخالد ، تعانقا بمحبة وشوق كبير ، فلم يشاهدا بعضهما منذ أن ترك خالد مدينة بور سعيد قبل حوالي ثمانية أعوام ، أين أنت يا رجل ؟ وما الذي أتى بك الى فرنسا ، يجيب رائد على سؤال خالد ، إنه العمل ياصديقي ، لقد وجدت فرصة للعمل في هذا الفندق الرائع ، وأنت تعرف البطالة وعدم توفر فرص عمل في مصر ، هز خالد رأسه مكرراً نعم نعم يا رائد ، وقبل أن يتركا بعضهما تبادلا حفظ أرقام هواتفهم النقالة ، وتواعدا بلقاء قريب ، توجه خالد نحو الوفد، راداً التحية على الجميع ، ” هلا بيك أـخوي” رحب به ” سلطان ” رئيس الوفد معرفاً إياه على أسماء الأعضاء ، بعضهم خبراء في مجال البيئة ، والمناخ ، بالاضافة لاساتذة جامعات وممولي مشاريع وصحفيون ومصورون يعملون في كبرى الصحف ووسائل الاعلام الإماراتية ، يكرر خالد ترحيبه مطلعهم على طبيعة عمله وخبرته في مجال العمل السياحي ، تناولوا وجبة الغذاء ، وانطلقوا في جولتهم الى قلب المدينة ، وضواحيها وريفها الذي تكسوه الورود وأغصان الدالية الرائعة ، أول ما وصلوا الى شارع سانت كاثرين التجاري حيث ساحة الكوميديا ، شاهدوا المحال الفخمة ، والمقاهي والمطاعم التي يقبل عليها السياح بشكل كبير ،إنها ساحة تضج بالحياة ، يغيب فيها اللون الفرنسي ، ليحل محله سياح من أجناس عديدة ، توجهوا بعد ذلك لاكتشاف المعالم الثقافية للمدينة ، مبنى الاوبرا الذي بني في عهد الماريشال دي ريتشيليو حاكم غويين Guyenne وأشرف على بناءه المهندس المعماري الأشهر في ذلك الزمن فيكتور لويس قبل تسعة أعوام من اندلاع الثورة الفرنسية في عام 1789م، أعجبوا كثيراً بفن الهندسة النيكولاسيكية التي تميز المبنى مع معزوفات الأوركسترا السمفونية أشهر الفرق الموسيقية في أوروبا، انتقلوا بعد ذلك في زيارة لجامعة ” بوردو العريقة ، حيث كان في استقبالهم رئيس الجامعة ورئيس قسم البيئة وعلوم الارض “، الذي اصطحبهم في جولة داخل الجامعة للاطلاع على قسم البحوث والدراسات الخاص بالبيئة ، استشعر الوفد الاهتمام الكبير الذي تبديه ادارة الجامعة بالبحوث المتعلقة بالتغيرات المناخية والبيئة ، حيث دهش الوفد بالمساحة الكبيرة التي تخصصها الجامعة لطلاب القسم لاجراء تجاربهم المختلفة ، مشاريع عديدة لانتاج الكهرباء ومعالجة مياه البحار، ومراقبة التغيرات المناخية ، اختراعات فريدة من نوعها تحظى باهتمام من قبل الجامعة وتفرد لها الصحافة جزء كبير من اهتماماتها ، وفي ختام زيارتهم لمبني الجامعة وزع عليهم رئيس الجامعة هدايا تذكارية ، وتلقى بسرور دعوتهم لزيارة جامعة أبو ظبي التي قدمها له عميد كلية العلوم بالجامعة ، ثمة مزيد من الاماكن يقول لهم خالد يتوجب عليكم زيارتها ، توجهوا الى الريف ، كانت زخات من الثلج المتقطع تهطل على المدينة ، المنظر من نوافذ الباص رائع بكل معاني الوصف ، مساحات شاسعة من الأراضي مزروعة بالوردو و بأشكال هندسية وفنية مدهشة ، طرق واسعة ، وبيوت قرميدية وسط المزارع تغطي الثلوج أسطح بعضها ، اصطحبهم خالد الى منزل صديقه جاك فرنسي الجنسية ، وهو يعمل في أحد البنوك الفرنسية الكبيرة ، كان المسكن يتواجد به جاك لوحده ، حيث سأله سلطان ، هل تعيش لوحدك هنا ، تبسم جاك وأخبره بأنه يفضل البقاء في منزله وسط الريف ، وأنه متزوج ولديه طفلين يعيشان في مدينة باريس ، ضحك سلطان وأعضاء الوفد وتفهما رغبته بالعيش وحيداً وسط الريف ، كانت زيارة منزل جاك فرصة ليستريح أعضاء الوفد قليلاً ، بدأ خالد وجاك بتجهيز وجبة جمبري جلبها الاخير من ثلاجته المليئة بأنواع مختلفة من المثلجات ، انتهى خالد وصديقه جاك من تحضير الطعام ، كان خلالها معظم أعضاء الوفد قد غرقوا في نوم جراء تعب السفر ، عمل جاك وخالد على ايقاظ الجميع ، ودعوهم لتناول وجبة الطعام ، وبدأوا بتناول الجمبري اللذيذ ، وفجأة بدا أن أحداً يطرق باب المنزل .
الجزء الثاني:
إنها لوران ، صديقة جاك ، كانت ترتدي بلوزة تي شيرت وشرط ، دخلت المنزل وكان الجميع يتناولون طعامهم ، رحبت لوران ، بأعضاء الوفد مردة باللغة الفرنسية Bonjour ، احمرت وجوه معظم أعضاء الوفد ،و شعروا بأمر غريب ، فهد وهو يعمل مصور صحفي راح يحدق بلوران ، التي كانت تجلب معها زجاجة بيرة وضعتها على سفرة الطعام، ملامح الاعجاب بلوران باتت تغزو أعين فهد ، فقد سقط الصحن وبقيت السكين والشوكة ترتجفان مع أصابع يديه من شدة اعجابه بجمالها ، أطلق خالد ضحكة عالية ، وقال باللغة الفرنسية أهلا لوران ، اجلسي معنا لتناول الجمبري ، بدأ جميع أعضاء الوفد ينظرون إلى بعضهم ، وراح يتساءل البعض منهم ، ما الذي يحصل ؟ ، وفجأة طلب سلطان من الجميع الخروج من المنزل فقد شعروا بحيلة ما تدبر لهم ، لكن سلطان لم يستطع إكمال كلماته حتى سقط على الارض ، وراح الجميع يتساقطون من على كراسي سفرة الطعام ، ليستغرقوا في نوم عميق ، بقي فهد وحيداً مع جاك وخالد و لوران ، فلم يتناول ما يكفي من الجمبري حيث سقط الصحن من بين يديه، لكن فهد لم يكن يحتاج وجبة جمبري لتغرقه في النوم ، فقد راح يتجرع كأساً من البيرة الذي أعطته اياه لوران ، سقط هو الاخر من شدة ما شرب من البيرة فهو لم يكن يعرف حتى شكلها من قبل ، بعد وقت قصير راح أحدهم يطرق الباب مرة أخرى ، سارع خالد لفتح باب المنزل الذي كان يطرقه صديقه رائد وهو القرصون الذي قابله في الفندق، أصبح جاك وخالد ورائد و لوران في المنزل، وجميع أعضاء الوفد مستلقين على الارض في نومهم العميق ، طلب خالد من الباقين ، نقل حقائب وكل ما لدى أعضاء الوفد الإماراتي في سيارة الجيب الخاصة بجاك ، كان من بين الحقائب ، حقيبة خاصة بسلطان يحمل بها عدد من قطع الماس والالماز والخرائط الخاصة التي تعود لعهد الأمير عبد الرحمن الداخل الذي كان قد اقتحم المدينة في العام 731 م ، وكان سلطان قد أخفاها عن العاملين في مطار بوردو لحظة وصول الوفد المدينة، انطلق جاك وفريقه بسيارة الجيب الى قصر “بالاس دي تشابيليه” ،، حيث أرشدتهم الخريطة التي أصبحت بحوزتهم الى مكان يعتقد أنه يحتوي على كنز من الذهب بالاضافة لعتاد وأسلحة قديمة وخرائط غالية الثمن عثر عليها أحد الجنود الفرنسيين وخبأها في نفق أسفل القصر ، بعد 4 ساعات بدأ مفعول المنوم الذي وضع لاعضاء الوفد في طعام الجمبري يفقد مفعوله ، استيقظ سلطان على صوت رنات هاتفه النقال ، كانت المكالمة التي أجراها مع مكتب سياحة وسفر أبو ظبي ، بمثابة صاعقة بالنسبة له ، فقد راحوا يستفسرون عن مكان وجود أعضاء الوفد ، ليتسنى لهم الالتقاء بالمرشد السياحي والمترجم خالد الذي سيرافقهم في رحلتهم الى مدن فرنسا بوردو وباريس ، ارتفع صوت سلطان ، وهو يعيد سؤال موظفة المكتب ، ماذا قلتم؟ ، خالد ، ومن يكون ذلك الشخص الذي قدم الينا الى الفندق في بوردو واصطحبنا في جولتنا في المدينة الى أن وصلنا الى هذا المكان في الريف ، اليس هو المترجم ؟ ، وراحت أعين سلطان وهو يتحدث مع موظفة المكتب السياحي ترقب عدد من أعضاء الوفد الذين ما زالوا تحت آثار المنوم ، قطع سلطان المكالمة مع موظفة المكتب السياحي ، وذهب مسرعاً يفتح باب المنزل حيث خشي أن يكون مقفلاً، لكنه كان قد ترك مفتوحاً ، عاد سلطان الى داخل المنزل وبدأ يحاول ايقاظ بقية أعضاء الوفد ، كما طلب من الآخرين الخروج من المنزل ، وبالفعل أصبح الجميع خارج المنزل حيث تفاجئوا بعد ذلك بعدم وجود سيارة الجيب التي نقلتهم في جولتهم الى الريف ، تلقى سلطان مكالمة هاتفية جديدة ، إنه مدير مكتب الامارت السياحي يريد الاستفسار عن ما حدث مع أعضاء الوفد ، وبدأ سلطان يشرح له كل الاحداث التي مروا بها ، ويرشده على المكان الذي يوجد به الوفد .
انتهى الجزء الثاني.
الجزء الثاني:
أضغاث أحلام .. وحقيقة
أضغاث أحلام .. وحقيقة
( قصة قصيرة ) .. الكاتب – محمود أبو الهنود
لم تستطع مقاومة شدة النعاس ، على غير عادتها أغلقت كراستها المليئة بالأحداث والذكريات في وقت مبكر من الليل ، تفاصيل وجهها وتمشيطة شعرها انصرفتا معها في نوم عميق ،أكوام من الجرائد ، جاتوه ، قهوة ، برينجز ، بقيت جميعها تبعثر غرفة نومها الزوجية وتدخل فيها أجواء توحي بالحيوية والنشاط ، انتقلت ” نور ” سريعا الى عالم تحكمها فيه الاحلام ، أوقات سعيدة تملكتها هناك، مرح ، ضحكات ، قطع خضراء وأخرى رسمت بعدة ألوان ، أحمر ، بنفسجي ، أصفر ، أزهار زينت المكان ، فراشات بيضاء ، راحت تكسو السماء وكأنه يوم للفرح يعلن عن نفسه ، موسيقى من أصوات جميلة باتت تعزفها عصافير من أنواع عديدة ، كل شيء حولها يوحي بالسعادة ، إبتسامة غيبت وهلة نور ، لحظة ضمت يدها بيد شريك عمرها ” سامي ” وهما يتوسطان المشهد ، حلم يتعمق ، غادرت الفراشات السماء ، مطر غزير يهطل بينما أبصرا ضوءاً يقترب منهما .
فجـأة ، انتقلا الى مكان مختلف ، منطقة مخيفة ، كثيفة الاشجار ، ” إننا في أدغال أفريقيا ” يعلو صوت سامي وعيناه تبتسمان في وجه نور ، قابلته بوجه عبوس يخشى المشهد ، قبضت على يده وركضا سريعاً يبحث كل منهما عن مكان آمن ، اختارا السير في إتجاه واحد ، ركضا حتى تعبا واشتد بهما العطش ، اتفقا على مواصلة السير فلا منجى أمامهم ، ضباع ، عناق ، نمور أفريقية تنتظر فريسة ما، توقف ركضهما .
في الجانب الآخر ، في غرفة الزوجية ، فقدت نور توازنها من شدة الحلم ، عرق يتصبب ، البواب وسكان العمارة تجمعوا على صوت طرقات سامي باب الشقة ، رنين الهاتف والجوال لم يتوقف ، ” يا الله ” يعلو صوت سامي والتوتر يسيطر عليه ، ، قرر أخيراً كسر باب الشقة بعدما فقد الامل وخشي على زوجته.
في الادغال ، وبينما نور تحلم ، استوحشت النمور ، عينان حمر ، أسنان جاهزة للافتراس ، ، تفصلهما عن النمور مسافة بسيطة ، لاتتعدى بضع الامتار ، صرخ سامي بصوت يرتجف طالباً من نور الفرار ، ركضا بسرعة ، طمعاً في النجاة بأرواحهما ، سقطت نور أرضاً ، ودقات قلبها تعلن قرب النهاية .
بعيداً عن أحلام نور ، أفلح البواب بكسر باب الشقة ، دخل سامي يصرخ باحثاً عن نور ،وهو ينادي ، زوجتي الحبيبة ، نور ، أين أنتِ ، فتح باب الغرفة ، ونور غارقة في حلمها ، ” قلبها” أوشك أن يصبح بين فكي أسنان النمور ، سارع سامي لكي يسند نور ، فقد أوشكت على السقوط عن السرير، تشهدت نور في حلمها ، إنها النهاية ، أمسك بها سامي ، استيقظت فزعة من نومها العميق ، ما هذا ، من أنت ،راحت تتفحص جسمها ان كانت قد أكلت منه النمور شيئاً ، يداي ، وجهي ، أـنا بخير تقول لسامي ، هذا أنت ، هل نجوت مثلي ، ألم تأكلك النمور ، أجبني ،أجبني زوجي العزيز ، كيف حصل ذلك ، ضمها الى صدره ، وبات يهدئ من روعها ، طلب منها شرب كأس مياه ، وقد أخذت الدموع تذرف من عينيها ، وراحت تردد ” أشهد أن لا اله الا الله وأن محمد رسول الله ، احمني يا الله ، احمني ، انه حلم فظيع .
في نفس الوقت ، وفي شقة أخرى ، صغيرة الحجم ، كانت امرأتان تجمعهما الحقد والغيرة ، يقابلان تلك العجوز الشمطاء ، والدخان يتصاعد في غرفتها ويغطي وجهها ، اقتربت منهما ، تسألهما ، ماذا تريدان ؟ .. حدثوني ، على من اتفقتما ، هيا أجيبوني ، نظرت الامرأتان الى بعضهما ، وأجسادهما ترتجف ، لم يستطيعا قول شيء ، وفجأة ، سارعا الى باب شقة العجوز ، وفتحا الباب ، وهربن ، أصبحن خارج العمارة .
انتظروني في ” الجزء الثاني “.
انتظروني في ” الجزء الثاني “.
تطلب الربيع تخشى المطر
تطلب الربيع تخشى المطر
الكاتب / محمود أبو الهنود
لا تملُكَ من الحب سوى إعجابَ الكونَ
في الربيعِ تعشق للأشجارِ سُكونً
وتلهو تداعبُ بسحرِ ألوانها
الأزهارَ من حولها تتفتح
تغارهُا الكائنات فقد سرقت
عُيون ً وحُبً لايوُصف
هي فراشةُ لا لونً واحداً فيها
حتى يتغنى بجماله عازفً
أو يرسُم فنانً منها طبق الاصلَ
بين الفصولِ الاربعِ واحُدً يظهرُ
وراء ضعفها رقةَ
فلا حبات مطرٍ تحتمل
أو ريحُ قد لا تبينُ فيه
و لا يُبدي لها أثراً
في الخريف ترقب الاوراقَ
تتساقطُ من أغصانٍ الشجر
تضُم جناحيها وترحَل
لان الصيف جافُ تقصُد النهرَ
الربيع في نسيمه يُبقيِ
لالوانها زهواً وبرقً
متى تُغادر أيها الشتاء
لتأذن للفراشاتِ التزود من ماءكَ
رحيقاً تجده في الازهارِ سائغاً عذباً
نداء من حواء
نداء من حواء
الكاتب – محمود أبو الهنود
هناك عند سيد القمح
وقفت حواء تطلب قليلاً
من قوت القوم
تسد به جوع طفليها
وراحت تقطف أوراق من شجر
تدفيء بهما صياح من برد وثلج
مجنون هو الحلم
اذا ما كان رؤى ترسم ابتسامة
على وجه طفلي حواء
فما خلقت هي لجوع أوفقر
فالكون كله حواء تمليء الدنيا
أملاً .. سعادة.. شيء من خير السماء
يا طارقً إن الفقر جوع
وإن الجوع موت
نادت بأعلى ما تملك من صوت
هل هناك قلب يخلو من جشع
هل هناك من لا يصم أمام طغيان
أو لا يعمى أمام حلم صغار
تركوا مجبرين بطون أمهاتهم
باحثين عن أمن ودفيء
عن حبل سري يشبه من جعلهم في المهد
بكت حواء
شكت للسماء
لحاف لا يقي من برد
ووعاء خالٍ سوى من هواء
مجنون أنت أيها الفقر
مجنون من لايحب الحياة
ma_jornalist@hotmail.com