شتاء ..
ديسمبر 30, 2018 الرّياح تعصفُ مُحمّلةً بالغيم والمطر ينهمر على المدينه ، أكواخ الفقراء تئن تصرخ تستغيث يكاد الطوفان ان يبتلعها وصِبْية يرتعشون من البرد وأم تحتضن رضيعها وأب يحاول أن يخفي دموعه عن أطفاله ويدعو الرّب أن يتوقف الشتاء وأن تمرّ العاصفة بسلام – أما آن لهذا القهر أن ينتهي قالها وهو ينظر الى السماء ، تذكر خطيب الجمعة حين تحدّث عن العدالة والرَّحمه كانت معدة الشيخ في كرشه المتدلّي تُصارع فخذ خاروف أكله قبل موعد الصّلاة .. وأمّا التّجار فقد غمرهم الفرح فالشتاء بالنسبة لهم مناسبة لرفع الأسعار وزيادة في البيع والأرباح .. أمّا المزارعون في أطراف المدينه كانوا يشكرون الرّب على هذا العطاء ، فالشتاء بالنسبة لهم يجلب الخير حيث ينبت الزّرع ويكون الموسم والغلال كما يتمنّون .. وعلى رابية تضم منازل الأغنياء والواصلين كان الدخان يتصاعد من المواقد في القصور ورائحة الكستناء ممزوجة مع الضحكات وأصوات الموسيقى الراقصه ، الشتاء يعني لهم الاحتفال وأوقات للهو والسَّمر ، غريبة هي الدنيا هذه المدينة كزانية أعلنت توبتها وأصبحت تُلقي دروس الوعظ بعد أن تضع الكحل في عينيها والأحمر على شفتيها .. لا يُجدي الدّعاء أو الإستجداء قد يثور يوماً بركان الغضب ليطهّر الأرض من الرجس وينصف المستضعفين ..