تلبَّدتِ السّماءُ بالغُيومْ وسُكون الضَّجيج يُؤلمني ، ما عادت أصواتُ الباعةِ تُنادي بلحنها المعهود ، والصّلاة على الحبيب أصبحت ممنوعة استبدلوها بصوت الغاز والبارود وخطبة الجمعة فقط تحكي عن نقض الوضوء والقناعة بالموجود هكذا ارادوها بفرمان من شيخ الطريقة المسْنود .. المطرُ بدأ ينهمرُ والآثمون لا يَعنيهِمْ غرَقُ السَّفينة ولا نظراتُ الوَطنِ الحَزينة يغسلون خطاياهم بِدُموعِ الفُقَراء ، و الدُّخان يتصاعد من المدافئ فوق بيوت المُطبّلين والأغنياء ، ممزوجا برائحة النّبيذ يصعدُ بحلقاتٍ تتراقصُ من النشوةِ الى السَّماء ، مع بعض الضَّّحكات تُجًلْجِلُ في الفضاء ، وللوالي المديح والشكر والثناء ، وباستمرارِ حُكمهُ بالبقاء ، وصَبِيَّةٌ تنتظر حبيبها عبر النافذة اذا ما جاء ، هاجر يبحثُ عن فرصةِ عملٍ في بلاد الغُرباء لانَّهم اغتالوا حلمه بغدٍ مشرقٍ وضّاء ولأنَّ البَطالة تعُمُّ البلاد وغابَ العدْلُ ونامَ القَضاء ، نَظرَتْ الى الأعلى تبتهلُ بالدّعاء أن يعود اليها حتّى تضعَ على يديها الحِنّاء ، وصِبْيَةُ الشوارع يُسرعون الى العبّارات للاختباء ، البرد يُطاردهم والجوع والتشريدُ والشقاء ، وعجوزٌ يسيرُ يُصارع مِظلَّتهُ لأنّ الرّياح تعبثُ بها ، همس لو كانت مظلتي جيِّدةٌ لقاومت الرّيح والهواء ، لكنّ الحال أصبحَ عدم ونسيرُ في زمنِ البلاء من غلاءٍ الى غلاء ، يقولون أنّ العدلَ قادمٌ والناس فيه سواء ، وأنَّ الكُفتة قد صارت دواءً لكلِّ داء وسنداتُ الفَنْكوشِ والاستثمار خيرٌ وعَطاء .. تَمْتَم ولعن كلّ الحُكوماتِ والحُفرَ في الطّرقات بلا استثناء ، حتّى الشتاء أصبحَ يأتينا صيفاً لا يُميِّزُ بين الأوقات ولا يُراعي ظروفَ الفقراء .. هذهِ المدينة متقلِّبة المزاجِ مثلَ عاشقةٍ تُريدُ ولا تريد ، الكلّ يلهثُ وراءَ الرَّغيفِ وما من جديد ، أحرقتِ النّيرانُ أزهارَ الرَّبيع لأنّ قبضة العَسكرِ على الأمورِ من حَديد ، والحالُ أصبح في ضياعٍ وكلّ يوم يزيد ، حتّى أنّهم اغتالوا الحرِّية والفرحَة وأغاني العيد .. المدينةُ يلفّها الظلامُ وقناديلُ الكاز عادت الى مواقعها ، وصُراخ البؤساء في الحارات ما عادَ من يسمعها ، ما نالكم من الوعود غير السّياط ومواجعها في زمن الهَمْبَكَةِ وصانعها . قد يفيضُ النّهر يوماً من الدّموع يا من تُنيرونَ ليالي الألم بالشموعْ ، يا من رقصتُم للسّراب لن يُجديكم العتاب ولا الصَّمتُ والرّكوع ، في هذا الزّمن صوت الشَّعب الثائرِ فقط هو المسموع .. هذة هي الطريق لمن يُريد السّير الى الحرّية والنّضال بلا رُجوع .. !
غزّه يا رمز العزّه يا تاج مرفوع على راسي شعبك اهلي وعزوتي وفخري وكل ناسي لا تآخذيني يا غاليه لان سلاحي بس هالقلم فيه كل الحب الك من عمق ذاتي واحساسي ان خذلك الحكام ونسّقوا وتآمروا مع العدو قولي ابيكفي رجالي اسود صناديد مثل باسي ايكثّر خيركوا يا شعوب العرب على مواقفكم وعار للي عمل حصار على شعب بيقاسي وكل الشكر لمواقف الاحرار في كل العالم واللعنه على من للشهامه والرجوله ناسي ..
حاولت أن أمسك ظلّي لكنَّ الليل مُعتم والظلُّ انعدم ، قلتُ له أنت جبان تختفي منّي كي لا أكشف حقيقتك أيّها القزم ، سأعرّيك أيّها المكابرُ من الرأس حتى القدم ، قال أنا هارب منك حتى لا أتلاشى أو أذوب في مؤتمرات القمم ، مسكينٌ أنت بضاعة في السّوق أو برميل نفط أو مُخرّبٌ عند الأمم ، وسلعة للمقايضة عند المطبّعين والمنظّرين بلا دين ولا ذمم ، قال أخرج الى النّور حتى تراني وحطم الخوف والتواكل والنّدم ، ولا تلُمِ الاقدار والاستعمار والتّرك والعجم ، فلا تلمني يا رفيقي ان غادرتك ، ان بقيت كما انت فانك تسير بنا الى الهاوية والعدم … لأنَّ السّماء لم تُمطر والبيادر ما عاد بها قمح .. والمناجلُ أكلها الصّدئ وكذا السّيف والترس والرُّمح . وحالنا يسير الى العدم ، كطبل مثقوب بلا نغم ، لكننا نكابر ونكابر والحقيقة أننا كقطيع من الغنم ، يطيب لنا صوت البكاء والثغاء والأنين ونهوى العيش في ظل طاغية كالخدم .. يا هذا لماذا أصبح ربيعنا خريف وأصبح مطلبنا تأمين الرّغيف وليس بيننا من رحم ، والديمقراطية ماتت في المهد قالوا انها زندقة وأقاموا عليها الحد ومن اغتالها يقسم بالله واللات والعزّى وكل الأديان أنه شريف وأنه مكلف من الرب باقامة العدل بلا تحريف مشفوع بالقسم ، من تاجر بأحلام الفقراء وصاح بين الجموع أن الكل سواء حين رفرفت الرّايات في ساحات العرب بين حمراء وبيضاء وصفراء وسوداء وخضراء تلوثت جميعها بالدم ، من سرق الذبيحة وتلذذ بأكل الشواء ونلوم الآخر ونقول أن الحق على الأعداء ، نكابر ونكابر وليس لهذا المرض عندنا من دواء ، فكلنا شرفاء وأتقياء ونزهاء ورحماء وكرماء وعظماء وخطباء وفصحاء وادباء وشعراء وعرفاء ومن نسل الصحابة والأنبياء .. تبا لنا كم نحن سخفاء من القاعدة حتى رأس الهرم ..!!