شبكـــــة أميـــــن الإعلاميـــــة
مدونـــــات أميـــــن  
نص انصيص
حتشي فلاحين للحفاظ على لهجة الفلاحين في عالم يحاول التمدن

منقول لروعة المقال-إبراهيم حامد وأحلام التميمي وحوار رغم أنف السجان

48 views

ياسر الزعاترة

القصة التالية نقلها لنا فؤاد الخفش، الباحث المعروف في شؤون الأسرى، والمشرف على موقع أحرار على الإنترنت، وهي تحكي واقعة لقاء عابر، بل أكثر من عابر في ساحة سجن “هشارون” الإسرائيلي بين البطلة أحلام التميمي التي تقضي حكماً بالسجن لستة عشر مؤبداً، والمجاهد الأروع، إبراهيم حامد، قائد كتائب القسام في الضفة الغربية، والمعتقل منذ ست سنوات ويتوقع أن ينال الحكم الأكبر في تاريخ دولة الاحتلال، ربما يصل إلى مئة مؤبد، وبالطبع لمشاركته وإشرافه على عمليات أدت إلى مقتل ما يقرب من مئة من الإسرائيليين، حيث يعرف أن كل قتيل يقابله حكم بالمؤبد.

يسعدني أن أنقل هنا بعض وقائع القصة، لاسيما أنني تشرفت بلقاء إبراهيم الذي عاش في عمان لبعض الوقت، حيث عرفته كباحث ومفكر شارك معنا في الكتابة لمجلة “فلسطين المسلمة” خلال النصف الأول من التسعينيات قبل أن يعود الضفة الغربية مفضلاً طريق البندقية على طريق القلم والفكر، فكان أن قدم بعطائه وبطولته ما يتفوق بأثره عن مليون مقال وألف كتاب.

القصة التالية يرويها الخفش نقلاً عن محامي إبراهيم الذي وقف مشدوها أمام ذلك اللقاء بين البطل والبطلة، بين الأخ والأخت، بين التلميذة والأستاذ. يقول الخفش: وقفت أحلام على مسافة ليست بالبعيدة عن إبراهيم، وأشارت له بيدها بعد أن أشهرت إصبع السبابة وقالت له: أخي أبا علي فرّج الله كربك. اصمد واصبر أيها الرجل. الليل ساعات ويرحل. من صوتك وأنت ترتل سورة الإسراء نستلهم الصبر. ومن عيونك التي تشع إيماناً نزداد عزماً ومضاء.

رد عليها أبو علي وقال لها موعدنا مع التحرير قريب، سيزول ليلهم وسيبزغ الفجر، استغلي كل دقيقة من وقتك وهيئي نفسك للقادم من الأيام. سلامي لأخواتي الأسيرات واعلمن أنكنّ الآن تكتبن التاريخ وعين الله ترعاكنّ.

حدث ذلك أثناء لحظات عابرة خرج خلالها إبراهيم لزيارة المحامي بينما كان البطل والبطلة محاطين بعشرات الجنود والمجندات ممن حاولوا بكل الوسائل وشتى الطرق أن يمنعاهما من الكلام، لكن الرسالة وصلت وجاء الرد، ثم مضت البطلة إلى زنزانتها، ومضى البطل إلى عزله (معزول عن بقية الأسرى منذ اعتقاله)، بينما وقف المحامي الذي نقل المشهد مبهوراً من هذه الروح التي تحدثت بها أحلام ومن الثقة التي أجاب بها إبراهيم.

كان إبراهيم كما هي العادة عند الخروج من الزنزانة مقيد اليدين والقدمين يمشي بخطى بطيئة. يداه للأمام. يرتدي بدلة رياضة وفي قدمه حذاء رياضي، بينما يحيط به عشرة جنود جميعهم مدججون بالسلاح، لكن الذعر من البطل لا يغادرهم، وكذلك كانت أحلام مصفدة بالقيود ومن حولها المجندات، لكنها لم تنس الحديث عن موعد الحرية، كما لم تنس أن تبعث بتحياتها إلى زوجة إبراهيم المبعدة، الأسيرة المحررة أم علي وسلمى (أسماء) التي كانت رفيقة قيد لأحلام قبل سنوات.

من أين يستمد هؤلاء الأبطال كل هذه العزيمة وكل هذا الصبر؟ إنه الإيمان، ليس الإيمان بموعد الحرية، لأن شيئاً كهذا يبقى في علم الله، لكنه الإيمان برب عظيم قال لعباده “إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب”، وإبراهيم خرج يطلب الشهادة، لكن مشيئة الله جعلته أسيراً، ربما ليكون شاهداً على المرحلة، وليكون عنواناً للصبر، ونموذجاً للعطاء.

هذا المفكر العظيم والبطل الأروع سيبقى شوكة في حلوق الصهاينة، يذكرهم بأنهم راحلون لا محالة عن هذه الأرض التي تلعنهم صباح مساء، وسيظلون يتذكرون أن وراء قضبانهم بطلاً لو كان لديهم مثله لكتبوا عنه الكتب وأنتجوا عنه الأفلام، لكن تاريخهم تاريخ جبن وغدر لا تاريخ بطولة وصبر.

لا يعني ذلك أن أمل إبراهيم وأحلام بالحرية هو مجرد تحليق في الخيال، بل هو أمل حقيقي، وأنا هنا لا أتحدث عن صفقة الأسرى، بل عن زوال هذا الاحتلال الذي يعيش مرحلته الأخيرة بعد أن بدأ منذ سنوات بعيدة محنى التراجع، ولا شك أنه كلما استعادت الأمة قرارها سيقترب أكثر، وهي بدأت تستعيده، من تونس إلى مصر إلى محطات أخرى بإذن الله.

فجر فلسطين وفجر إبراهيم وأحلام وسائر الأبطال قادم بإذن الله، مع التذكير بأن هذا النموذج من الأبطال إنما يرجون ما عند الله أكثر مما عند البشر أو في هذه الدنيا. ألم يجعل رب العزة الآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلاً حتى يتبوأ هؤلاء أماكن تختلف عن سواهم من الناس الأقل إيماناً وعطاء.

سلام على إبراهيم وأحلام وسائر الأبطال الصابرين في كل سجن وكل ثغر من ثغور الحق. سلام، سلام.

صحيفة الدستور الأردنية

Be Sociable, Share!
  • Tweet


  • عداد الزوار

      العدد الكلي 112918 زائر من تاريخ 2010-12-09
  • آخر التدوينات

    • بتمشي وبتفكح لورا، متباهية بدها اتجيب ابن الخرا
    • ما بتتحفحف العورة الا القاظي منعزل
    • والله ان كان عملك لكدام تستريح وتنام
    • يا قدره يا مسخمة ما تعايري المغرفة
    • ما احنا دافنينة سوا
  • الصفحات

    • اتحيرنا يا كرعة من وين انبوستش
    • اجاك يا بلوط مين يعرفك
    • التشذب ملح الرجال والعيب على اللي يسدك
    • الحيط الواطي تشل الناس بتنط علية
    • السلطة تريد اسقاط الشعب
    • انتم مش عايزيني ؟ انا عايزكم يا حبايبي
    • اهلا طلو
    • باب الحارة العربي الجزء الاول
    • بعد بشكير ستان منشفة ستان
    • بيتها ما بتكشة راحت الجامع اتكشة
    • بين حانا ومانا ظاعت الحانا
    • تشتري البطه ؟ تبيع البطه؟
    • ثورة فرد بثورة شعب
    • سماعات الجامع مش لكليلين الحيل
    • صحيح اللي استحو ماتو
    • عباس الكباس
    • عدي ارجالتش عدي من الاكرع للمصدي
    • علي الطرشاك عيب على الحانا
    • غفران وحسن.. وإيجابيات الارتباط الزوجي على واقع الأسير
    • قالو لجحا مرة ابوك شخت في الشمس ! قال والله ما في على عينها اشي هجنة
    • لماذا اللهجة الفلاحية ؟
    • ما بعرف رطني الا ابن بطني
    • من كلة الخيل شدينا على الحمير اسروج
    • منقول لروعة المقال-إبراهيم حامد وأحلام التميمي وحوار رغم أنف السجان
    • وزاره الصحة صحتها متدهوره
    • يا شايف الزول يا خايب الرجا
    • يا شايف الزول يا خايب الرجا
    • يا شيخ هالجمل!
    • يوم المرة العالمي
  • الأرشيف

    • August 2020
    • July 2017
    • May 2017
    • May 2014
    • May 2013
    • November 2012
    • December 2011
    • May 2011
    • March 2011
    • February 2011
    • January 2011
    • December 2010
  • التصنيفات

    • Uncategorized (33)
  • Blogroll

    • Documentation
    • Plugins
    • Suggest Ideas
    • Support Forum
    • Themes
    • WordPress Blog
    • WordPress Planet
    • القرأن الكريم بعد الله يحمي متظاهر ليبي
  • منوعات

    • Register
    • Log in


مدونات أمين لا تتحمل أيه مسؤوليه عن المواد التي يتم عرضها و/أو نشرها في مدوناتها.
ويتحمل المستخدمون كامل المسؤوليه عن تدويناتهم التي تخالف القوانين أو تنتهك حقوق الملكية أو حقوق الاّخرين
مدونـــــات أميـــــن - AMIN BLOGS
ملقم التدوينات (RSS) و ملقم الردود (RSS).