ومضات السبت 26/5/2012
من يزور فلسطين ويخجل من الزيارة ويتوارى عن الظهور في وسائل الاعلام لا يستحق ان تعتب عليه وسائل الاعلام. فقد نكون مضطرين لاستقباله لان معاملة الضيف واحترامه واستقباله والحفاظ على امنه وسلامته هي واجب وهي من شيمنا، الا اننا وبعد ان يغادر، علينا ان لا ننساه، فمن يخجل من زيارته لنا، فلا اهلاً ولا سهلاً به.
مستوى الطب والخدمات الطبية في البلد تطور بشكل ملحوظ، الا ان هناك ما يشكل مدعاة للشكوى. مواطنة تشتكي ان ابنها قد كُسرت يده في المدرسة، وحسب تعليمات وزارة التربية والتعليم يجب ان يكون العلاج في المستشفيات الحكومة، حين توجهت المواطنة الى احد المستشفيات في منطقتها، وبينما الطفل يصرخ الماً طُلب منها ان تسجل في الطابور وان تنتظر دورها، ولم تتمكن من الدخول قبل ان تدفع 20 شيقلا، ثم دخلت الى غرفة اولى للفحص ومن ثم الى غرفة ثانية لفحص آخر ومن ثم الى غرفة الاشعة ولم يتم سؤالها اذا ما كانت حاملاً على سبيل المثال ولم يتم اتخاذ تدابير السلامة للوقاية من الاشعاع، ثم تم تجبير يد الطفل “ع الواقف” دون ان يكشف عليه طبيب الاطفال ولا طبيب العظام. وقد اشتكت المواطنة من خلو هذه الغرف من اي نوع من التهوية اضافة الى لون لباس الممرضين البنفسحي المائل الى البني القاتم مع ان كل اللمرضين في العالم يرتدون الالوان الفاتحة.
كتب احد القراء يقول ان من جملة القضايا اليومية التي يعيشها الناس والتي يزخر بها هذا الوطن، أكتب إليك حول واحدة حصلت معي شخصياً وتحصل مع كثير من الناس. حيث اضطررت في بداية هذا الشهر للسفر بضعة أيام إلى الأردن مروراً باستراحة أريحا، والتي لا ينكر أحد التطور الكبير الذي طرأ عليها مقارنة بالسنوات العجاف السابقة، وهو جهد يستحق الشكر والثناء لأنه عالج جميع جوانب النقص فيها، فيما عدا جانب واحد، حيث وصلت الاستراحة بسيارتي الخاصة لتبيت هناك أسوة بالكثيرين، وفور وصولي واجهتني مشكلة وهي أين أوقفها. وهنا أعني في مكان مظلل اتقاء لشمس الأغوار الحارقة، وفي النهاية أجبرت على حشرها في ظل شجرة صغيرة بين ثلاث سيارات، ناهيك عن إلحاح الموظف المسؤول من أجل “إكرامية من تحت الطاولة”، والتي يفترض أنها انتهت تبعاً لتعليمات السيد الرئيس “كلفة أقل وكرامة أعلى للمواطن”. ما أقوله باختصار، هناك تأخير غير مبرر في نصب مظلات لراحة أصحاب السيارات الذين يتركونها في عهدة الاستراحة، خاصة وأن خدمة مبيت السيارات تكون مقابل رسوم يتم جبايتها لصالح خزينة السلطة، وينبغي أن يحصل من يدفع لقاء خدمة على مقابل لما يدفعه، إذ تنتفي كرامة المواطن عندما لا يقوى على ركوب سيارته بسبب تحولها إلى فرن يشوي ما بداخلها، ولا أظن أن مطلب المظلات عسير أو مناف للمنطق، بل هو أبسط الحقوق التي يجب توفيرها للمواطنين لاستكمال ما بدأته الجهات المعنية لتوفير أعلى جودة ممكنة لمستخدمي الاستراحة، إضافة إلى تشديد الرقابة لإنهاء مسألة الإكراميات إياها والتي أضحت مصدر إزعاج للمسافرين.
في احدى المدن، توقفت عند رجل وسألته عن عنوان احدى البنايات. رد الرجل “دغري، بتلاقي دوار، بعد الدوار في دخله ع الشمال، ممنوع الدخول فيها، بس عادي ادخل ولا يهمك، بتلاقي العمارة ع شمالك”!
لطرقت ابواب العائلات المحتاجة ولما انتظرت لان تطرق هذه العائلات بابي لتجده موصداً في وجهها. ولما انتظرت حتى تطلق هذه العائلات المناشدات عبر وسائل الاعلام، ولما هرولت لمساعدتها بعد ان يقوم رئيس الوزراء بزيارتها، بل لكنت المبادر الاول. فلا يعقل ان تعيش عائلات عيشة تفتقر الى ابسط مقومات الحياة، وان تترك هكذا، دون ان يحرك احد ساكناً، بالرغم من انها طرقت كل الابواب، ولم يجبها احد.
“قول يا زمان ارجع يا زمان”، طيب اللي مش عارف يرجّع الزمان لورا شو يعمل؟ لما تخرجت من التوجيهي، احتفلت انا وولاد وبنات صفي على قد لحافنا، يعني حفلة صغيرة، يا دوب صرفنا عليها 100 شيقل. وطبعاً طلعنا مشي من باب المدرسة على مطعم في رام الله كان المطعم الوحيد في الشارع. مشي يا جماعة لانه اغلبيتنا ما كان عند اهله سيارة، واللي عندهم سيارة ما كان اهله ممكن يعطوه اياها يسوقها. هالايام والله بصراحة ان غيران، بشوف هالصبايا والشباب احتفالات وبدلات وفساتين وسيارات وزمامير وتشحيط في الشوارع واللي طالع او طالعة من شباك السيارة وهيصة وقايمة، وطبعاً ما في حدا بيقول انه هالتصرفات هاي مش معقولة، وما في حدا ممكن يوقف مثل هاي التصرفات، والمخالفات للقانون، الشرطي بيكون واقف يتفرج، بلاش يطلعوا ولاد وبنات فلان، “طنّش تعيش تنتعش” احسن شي. شو بدنا في الطويلة، لاني غيران، رتبت مع صحابي اللي تخرجنا مع بعض، انه نلتم ولانه صار معنا سيارات بطلوع الروح بعد ما الواحد فينا نحت في الصخر واخذ قرض من البنك، بدنا نعمل شوية عجقة في البلد، لانها طاسة وضايعة، واللي بدو يقول كبار على هيك عمايل، بنقول له خريجين دكتوراة وبدنا نحتفل، اي يعني وقفت علينا المسائل، هاي دكتوراة مش قليلة، بطلعنا نحتقل ونزعج البلد ليش هو احنا اقل من غيرنا!