ذوو الأسرى.. يوميات من الوجع والانتظار
علاء كنعان – الجزيرة توك – طولكرم
عندما عقدت حوارا ً في يوم المرأة العالمي مع الأسيرة المحررة نوال السعدي “أم ابراهيم” والتي تشكل حكاية المرأة الفلسطينية كزوج أسير “الشيخ بسام السعدي” وأسيرة محررة ومربية للأجيال ووالدة الشهيدين التؤام “ابراهيم وعبد الكريم”، علق في ذهني ابنها الصغير يحيى وهو ينظر الى أمه كيف تتحدث عن ماضي مشرق، وتنظر إليه بابتسامة حنان وتذكره بأيام خلت وتقول لي وله “لقد جاءني يحيى مع اخوته يبكي ويبكي، ولم يستطع الوقوف عن البكاء في زيارتي بالسجن، فنظرت إليه بابتسامة وسألته: “صحيح يا يحيى؟” فقال يحيى يخاطبني ويخاطب أمه “يا زلمة أنا كنت صغير شو يعني والحجة غالية علينا؟”.
كنا نبكي جميعا ً
يجلس يحيى 16 عاما ً اليوم سعيدا ً بوجود والدته الى جانبه قائلا ً “آه كنت أبكي، ما كنت قادر أستوعب أن أمي خلف الزجاج، كنت أعي بأن والدي في السجن” ويصف يحيى لـ الجزيرة توك كيف كانت هذه الزيارة التاريخية بالنسبة له “لقد كان معي أخي صهيب وأختي الصغيرة، وكنا نبكي جميعاً وأمي تبكي وتقول لنا: ليه تبكوا؟، وكنا نقول لها: إحنا بدونك لا شيء يا أمي، وكأنا غير موجودين في الحياة وهي ترد علينا: رايح أخرج وعمره باب السجن ما يبقى مسكر والقيد ينكسر بإذن الله”، ويضيف يحيى “ارجعي إلينا بخير لا نقدر على العيش من دونك”.
ويروي يحيى كيف كان يعيش لـ الجزيرة توك: “كنت أمشي في الشارع، أتخيل أمي كيف تمشي وأنا كنت أنادي عليها ، كنت أتخيل أخي عز عندما كان يوقظني من النوم وينادي علي، ولقد كان غياب أمي قبل عيد الأضحى المبارك بيومين، حيث كان عيدا ً يمثل لنا ذكرى أليمة بفقدان حياتنا وهي أمنا”.
ويستطرد يحيى قائلاً: “أما اليوم فإنني أنظر إليها كثيرا ً لأعوض كل الأيام التي غابت فيها أمي عنا”. ويتحدث يحيى عن الليلة الأولى من وجود أمه في البيت يقول يحيى وهو يضحك “آه ما كنت مصدق، إنه أمي بجانبي وكانت فرحتي كبيرة وعادت ابتسامتي من جديد، وفي الوقت نفسه تبقى فرحتي منقوصة في ظل بقاء والدي في السجن، وبقيت سهران ليلتها ولم أعرف النوم نهائياً من شدة فرحي ولم أنم وأنا أنظر إليها وهي نائمة”.
ننتصر على ذاتنا وعلى فراقها
ويشير يحيى عن شقيقة عز الدين الذي أفرج عنه الاحتلال بعد ثلاث سنوات من الاعتقال حيث عاد عز من السجن الى البيت وأمه بقيت داخله، حيث قال لهم عز “هيك الحياة يا أحبابي، أنا أخوكم الكبير، أنا مثلكم محروم من أمي، خرجت من السجن وأمي دخلت السجن ، الله كتب لنا هذا ولازم نصبر وننتصر على ذاتنا وعلى فراقها “.
ويجلس يحيى متذكرا ً تلك الأيام وهي في العام 2008م خائفا من أن تعود من جديد لأنه يعتبر الاحتلال يستهدف عائلته فوالده الشيخ بسام السعدي القيادي في حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين معتقل بلا تهمه في الحكم الإداري، واستشهد أشقائه الاثنين، واعتقل أشقائه الاثنين، واعتقلت خالته قاهرة السعدي لمدة عشر سنوات وحرمت من أطفالها. ويختم يحيى قائلا “لا يوجد أي إنسان ممكن يعوضك عن أمك وربنا يحفظ كل أمهات المسلمين”.
ملاحظة: يوجد مثل شعبي فلسطيني يقول: “الحكي مش مثل الشوف” شاهد في هذا الفيديو كيف يقبل الاطفال امهاتهم عبر الزجاج، وهو جزء من فيلم وثائقي يصور فيه عمة الطفل يحيى “قاهرة السعدي” وهي في زيارة مع أطفالها في سجون الاحتلال الصهيوني.
كلما سمعت مناشدات تطالب بالتحرك للإفراج عن الشيخ خضر عدنان القيادي في حركة الجهاد الإسلامي في الضفة الغربية، وبأن إضرابه عن الطعام والشراب يدخل يومه الثاني والثلاثين.
سألت نفسي كيف يستمر في ذلك؟ ما هذه العزيمة التي يمتلكها الشيخ خضر عدنان في صموده وتحديه للمحققين الإسرائيلين؛ فقال لي صديقي وهو أسير محرر بأن الإضراب عن الطعام تكون صعوبته في أول أيام الإضراب ومن ثم يصبح الجسم يتحمل عدم تناول الطعام، وكذلك عندما يفك الإضراب يصعب علية تناول الطعام وتكون معدته غير متقبله له.
ذهبت إلى زوجة الشيخ خضر متسائلاً، قلت لها “لا تقولي لي بأن الشيخ خضر مضرب عن الطعام لأن الأخبار تتناول الحديث عنه وسمعت الكثير من المناشدات لوقف الحملة المسعورة ضده، أود أن أعرف سر صمود زوجك في أقبية التحقيق وأمام السجان الإسرائيلي “.
فخورة بزوجي!
قالت لي “لو لم يكن كذلك، لم أرتبط به كزوجة، فأنا فخورة بزوجي المقاوم المجاهد، صاحب الفكر السديد”، وأضافت قائلة “زوجي إنسان صاحب مبدأ وإرادة وصادق، يحقق أهدافه، وهو الذي يقول دوما ً من حق أي إنسان إن يدافع عن نفسه”.
واستطردت زوجته “عندما حاول الاحتلال اعتقاله قبل أشهر عدة، سلمني الاحتلال ورقة استدعاء للشيخ لكي يمثل أمامهم، ولكنني أجبتهم بأن الشيخ لن يحضر ولن يجلس معكم، فرد علي الضابط “هل أنت سعيدة بهذه الحياة مع زوجك؟” فأجبته “لو لم يكن الشيخ هكذا لما تزوجته، وأنا فخورة به وبفكره”.
وتضيف زوج الشيخ أم عبد الرحمن “اليوم هو يدافع عن كرامته، ويسعى لرفع الظلم عن نفسه، وإضرابه هي رسالة لكل الأسرى بأن كل أسير يجب أن يدافع عن نفسه لأن الكرامة أغلى من الطعام والشراب”.
سينتصر!
وتضيف زوجته بأن الشيخ يخوض معركة تحدٍ مع الاحتلال، فعندما يقول المحقق الإسرائيلي له “لن أخرجك إلا بعد أن أكسرك” والآن أستطيع بأن أقول بأن زوجي انتصر على المحققين عندما تم تحويله الى الاعتقال الإداري وهو اعتقال تعسفي بلا تهمة”.
وتعقب زوجته مشيرة “إنني على يقين بأن زوجي سينتصر على حكم الاحتلال، لأنه يشعر بالظلم، فهو لم يتحدث باسمه للمحققين، لأنه صاحب رسالة ومستمر في أداءها حتى في أثناء اعتقاله”.
ونوهت زوجته بأن الكثير من الناس يسألون، لماذا الشيخ خضر يضرب عن الطعام؟، فهو يواجه احتلال قوي متغطرس، و”إني أقولها على الملأ: لا عاش الشيخ خضر إن لم يدافع عن كرامته، والذي يحس بالألم والقهر والظلم يشعر بمعنى إن ينتزع حريته انتزاعا ً”.
صموده بفكره المقاوم!
وعند انهاء مقابلتي معها، حدثت نفسي بأن سر صمود الشيخ هو في صمود زوجته والمعنويات العالية التي تتمتع بها وفي الفكر الذي يحمله الشيخ، وهو اليوم يدخل في مرحلة الخطر في إضرابه عن الطعام، وقالت بأن إضرابه ليس للمرة الأولى مع السجان، فخاض إضراباً عن الطعام في سجن عزل كفاريونا واستمر فيه ثمانية وعشرين يوماً احتجاجاً على عزله واستفراد الاحتلال به، وخرج من العزل منتصرا ً، وأضافت بأن زوجها أضرب عن الطعام في سجن السلطة الفلسطينية في عامي 1999 و2010 احتجاجاً على اعتقاله ورفضاً للاعتقال السياسي الظالم بحقه وخرج آنذاك صامداً متمسكاً بفكره.
كيف يحقق الاحتلال مع الشيخ خضر ؟
يعلم المحققون بأن الشيخ يعاني من مرض في المعدة، ومشاكل الديسك في ظهره، وبدلاً من مراعاة مرضه، استخدم المحققون طرق تعذيب تزيد من ألمه، واستخدم أربعة محققين لغة بذيئة يشتمون فيها زوجته وأخته وأطفاله.
تستمر جلسات التحقيق مع الشيخ ساعات طويلة، ويداه مقيدتان وراء ظهره على مقعد خلفي منحرف، وهو الأمر الذي يسبب الألم الشديد في ظهره، وكان يتركه المحققون في الغرفة وحيداً لساعات عدة، وفي الأسبوع الثاني من التحقيق مع الشيخ خضر، سحب أحد المحققين لحيته الطويلة وسبب بترا ً لشعر لحيته.
ومن ثم قام المحقق بأخذ تراب من أسفل حذائه وفركه على شارب الشيخ خضر، كوسيلة للإذلال، في 30 كانون الثاني من العام 2011م، تدهورت الحالة الصحية للشيخ وتم نقله لمستشفى سجن الرملة، وتم وضعه في زنزانة انفرادية، ومنذ يوم 25 كانون الأول رفض خضر إجراء الفحوص الطبية، حيث يتعرض للبرد وتواجد الصراصير في جميع أنحاء زنزانته، ويراقب في زنزانته من خلال الكاميرات، وإذا ما تحرك فيها يقوم الجنود بضرب الباب بعنف”.
ومن ثم جاء مدير السجن يتحدث إلى خضر لتخويفه، وتم إغلاق الجزء العلوي من باب زنزانته لمنع دوران الهواء في داخل الزنزانة قائلاً له “سنكسرك في النهاية”، وفي الثامن من كانون الثاني من العام 2012 م صدر بحق الشيخ حكم الاعتقال الإداري “أي الاعتقال المبني على معلومات سرية” وهو قرار يشكل انتهاكا ً للقانون الإنساني الدولي.
ومن الجدير ذكره بان الشيخ خضر عدنان يعتبر اعتقاله الأخير هو الثامن له، حيث تم اعتقاله في السابع عشر من شهر كانون الثاني الحالي، بعد اقتحام منزله في بلدة عرابة قضاء جنين، واقتيد مباشره إلى مركز تحقيق الجلمة، ويعتبر الشيخ خضر عدنان من قادة حركة الجهاد الإسلامي في الضفة الغربية، ويحمل شهادة البكالوريوس في الرياضيات الاقتصادية، وطالب ماجستير في جامعة بيرزيت منذ العام 2002م، وانقطع عن الدراسة بسبب استهداف الاحتلال المتواصل له، ويبلغ من العمر ثلاثة وثلاثين عاما ً
برلمان شبابي فلسطيني إسرائيلي
علاء كنعان .الجزيرة توك . طولكرم
“مد يدك للسلام من اجل تحقيق السلام الدائم بين الفلسطينيين والاسرائيلين ” ؛ عبارات يستقبلك بها شخص اسمه أياد حجاج من الاتحاد الفلسطيني الإسرائيلي عبر موقع الاتحاد الالكتروني ، ويشرح لك قائلا ً” ، لقد تم تأسيس الاتحاد الفلسطيني والإسرائيلي ومن اجل تمثيل الشعبين الفلسطيني و الإسرائيلي وبهدف المساعدة في إحلال السلام “.
أصابني الذهول قليلا ً من الموقع ومن وجود العلم الفلسطيني بجانب العلم الإسرائيلي ، وتذكرت خلالها كيف كان يحرق العلم الإسرائيلي في الانتفاضة وليس هذا المشهد ببعيد فشاهدت إحراق العلم الإسرائيلي أبان صفقة وفاء الأحرار مع الاحتلال .
قلت في نفسي هل أنا مضلل ؟ أم هو مضلل ؟ من هو صاحب الفكر الاصوب والأصعب هل هو أم أنا ؟ لا لست انا المضلل ، انا جدي هجر وأصبح لاجئ منذ ان احتلت الأرض في العام 1948 من مدينة حيفا المحتلة وتحديدا ً من منطقة وادي الصليب ، ومن حقي أن أعود إلى بلد أجدادي التي تم اغتصابها اغتصابا ً.
يتحدث المتحدث ويطلب منا ان نشارك في فكرته ، وذلك بهدف المساعدة في إحلال السلام ، اسمع له وأشاهد عددا ً من الصور التي تتحدث عن العنصرية الإسرائيلية ، فيكتبون في مدينة يافا شعارات معادية للعرب المسلمين قائلين ” العرب برا – مكابي أو الموت ” والسبب في ذلك كما قالت شرطة الاحتلال الإسرائيلي بأن بعض مشجعي فريق “مكابي تل أبيب ” هم من قاموا بكتابة هذه الشعارات لأن فريق ” هبوعيل ” يحوي في صفوفه بعض اللاعبين العرب.
اذا كانت العنصرية هكذا في الإطار الرياضي ؛ فما بالكم في الحق التاريخي لنا بالأرض والتي هجرونا منها من حيفا ويافا وعكا وتل الربيع وأم خالد وكل مدن وقرى الداخل الفلسطيني ، كيف يتعاملون مع هذا الحق ؟!
مدخل فلسطين لا يتم الا عبر فلسطين
إيناس شلالميش شابه فلسطينية في العشرينات من عمرها من مديري صفحة “ثقافة من اجل النهضة ” تشير لـ الجزيرة توك ” ان هذه الأفكار التي يتم الترويج لها اليوم هو طمس للهوية الفلسطينية بتكوين برلمان إسرائيلي فلسطيني ، وهذا مؤشر على وجود حالة من القلق الإسرائيلي المستمر من الثقافة والوعي الفلسطيني ذات القيم الوطنية والإسلامية ، ونحن في صفحة ثقافة من اجل النهضة سنعمل على توعية الشباب الفلسطيني من هذه الهجمة الهادفة إلى نفي الهوية الفلسطينية وتقليص الدور النهضوي في فلسطين “.
ونؤكد شلالميش ” ان ثقافتنا سننهض فيها نحو التغيير للأفضل ، مدخل فلسطين لا يتم الا عبر فلسطين ، وكل الخطوات لا يمكن ان تمر مرور الكرام على الشباب الفلسطيني المثقف ، بل هي خطوات لا تزيدنا الا إصرارا ً على استكمال مشوار التوعية من اجل النهضة “.
بداية لتشويه العقول
الناشطة الشبابية اسراء عثمان تساءلت في حديث لـ الجزيرة توك ” لصالح من الاتحاد؟ وهل نظن أن إسرائيل بحاجة معطفنا البالي، فما نحن في نظرها الا معطف بالي تلقي به على إحدى مزابل التاريخ! تمزق جسد المعطف بليلة تشن فيها حملات بالصواريخ وتدمر الأرض والسماء من فوقتنا وتحتنا! فما حاجتها للإتحاد إذاً !
وتضيف الناشطة عثمان ” ان الاتحاد بداية لتشويه العقول وبداية لبيع ما تبقى من ذلك الوطن المبتور ! فلسطين ستكون محور البيع على طاولة ذلك الاتحاد لا محال! ، ولا أظن أن عقلاً يقطن مواضع التعقل مستعد للاقتناع بفكرة اتحاد إسرائيلي فلسطيني “.
عودوا إلى صحوكم، لا سلام لا تطبيع لا اتحاد
وشددت عثمان بأنه منذ قيام العالم وإسرائيل وفلسطين في صراع إلى يوم الدين، وكيف نتحدث عن توائم واتحاد بين الدولتين، وأين مبادئنا الثابتة وما أخذ بالقوة لا يسترد ألا بالقوة، فكرة الاتحاد ما هي الا تضليل لعقول الشباب ومحاولة لتنويم عقولهم عن قضايا أساسية وحق شرعي لا عودة عنه، ولا بديل لتفاصيله! فلسطين وإسرائيل تماماً كفكرة الماء والنار محال ان يلتقي متضادين، وجود أحدهما ينفي الآخر، فرجاءً لا تلبسوا الحقائق أقنعة مزيفة، وقفوا ولتعودوا إلى صحوكم، لا سلام لا تطبيع لا اتحاد !“.
تتعارض مع تعاليم التوراة
يشير المفكر السياسي وأستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية عبد الستار قاسم بان فكرة الاتحاد غير ممكنه لان الاحتلال لا يقبل بها وتتعارض مع تعاليم التوراة ولكنه يستفيد منها بالانتهاك المعنوي للشباب الفلسطيني وقتل الروح الوطنية لتتلاشى الحقوق الوطنية ، وهي لا تتماشى مع فكرة اليهودية التي تنادي بها دولة الاحتلال “.
وركز قاسم بحديثه بان من يشترك بهذه الأفكار هم شباب مطبعين مع الاحتلال ونسبتهم قليلة الا انه يتم تمكينهم ماليا ً ويحصلون على وظائف جيدة ،ويتم استدراجهم من خلال مؤسسات حكومية وغير حكومية وأجنبية اختلطوا مع اليهود وامنوا بفكره التطبيع معهم ، وهناك قيادات فلسطينية تؤيد مثل هذه الأفكار وخاصة المطبعين مع الاحتلال “.