.. وَمُلَوّحا للرّيحِ إني هَهُنا
وَمَعي الجبالُ
مَعي تراتيلُ السّحابِ على جُذوعِ السنديانِ
عويلُ ناياتِ الرُّعاةِ يَحفّني
وتزفّني ظَبْياتُ هذا الوَعرِ
للعيدِ الحَزين
مَطرٌ على العُرْقانِ يُثْلِجُني
وخبزي في خَوابي الرّاحلين
” لا شيءَ يُعْجِبُني”
سِوى سَرّيس هذا الوَعْرِ
والصّقر المُحَلّقِ في النجوم
لا شيءَ يُدْهِشُني
سِوى ظِلّ البنفسجِ في الغيوم
لا شيء يُشْبِعُني
إلا روائح زَعترِ الإفطار
والزيت المُعَتّق في الكروم
رافَقَتْني الجبالُ
ورافقني حَجَلُ الْوَعْرِ والأغنياتُ
ورافقني تلُّ دُوثانَ
والشِّعْرُ والفِكْرُ
في وَهْدَةِ العصرِ
رُحتُ أُرتّل أسفارَ درويش
في مَعْبد السّنديان
فَقَلْبي يَمامُ الْحُقولِ
وسِرْبُ الظّباءِ نشيدي
واصعَدْ بنا نحوَ التلالِ
لنرشدَ الطيرَ المُحَلّق في الغيوم
إلى مسار النبع
واصعَدْ لعلَّ الخيلَ تعرفُ أهلها
يا صاحبي،
خُذ مِن دَمِ الرّمانِ أغنيةَ الشتاءِ
خذنا إليكَ
وعلّقِ النجمَ الجريحَ
على طريق الأنبياء
“لا أريدُ لهذي القصيدة أن تنتهي”..!!
فهذي السّفوحُ مَدائنُ قلبي
وزعترُها مِلحُ بَحرِ دَمي
لا أريدُ الرّحيلَ
أريدُ سِراجاً مِنَ الزّعتمان
يُضيءُ خَوابي سَقيفةِ جَدّي
ويُمطِرُ خدّي
بِعِطْرِ الْبَسُومِ
وحُبّاً يفيضُ جراراً مِن القمحِ
في ليلِ كنعان حتى القيامة
لا.. لستَ وَحدَكَ
حولكَ القندولُ خيرُ قبيلةٍ
وأخوكَ صَخر التل
وابنتك اليمامة
والندى والشيحُ يعبقُ من ثيابك
كم أنت حُرٌ
أيها المنسيّ في الوديان
لا أحدٌ يفكرُ فيك…
لا أحدٌ يفكر في “اغتيابك”
وَهَرَبْتُ بعدَ العَصْرِ مِن كَيد الزّمان
ولجأتُ للجبلِ المُضَمّخ مِنْ عُطورِ المَرْيَميّة
وقطفتُ زَعْترَهُ وَنَفْحَ الزّعْتِمان
وَمَررْتُ بالوادي السّحيق
فقطفتُ شومَرَهُ وقَرْنَ السّيبعان
وَرَجعْتُ وَجْهَ الليل تَنْدَهُني الصّلاةُ المَغربيّة